وإنما لم يجز: يا زيد وعمرا، ولا: يا زيد وعمرو بالتنوين، كما جاز: يا غلام بشر وبشرا في البدل، لأن العاطف كحرف النداء والمعطوف صالح لمباشرته له، والفائدة في بدل البعض والاشتمال: البيان بعد الاجمال والتفسير بعد الابهام، لما فيه من التأثير في النفس، وذلك أن المتكلم يحقق 1 بعد التجوز والمسامحة بالأول، تقول:
أكلت الرغيف ثلثه، فتقصد بالرغيف ثلث الرغيف، ثم تبين ذلك بقولك ثلثه، وكذا في بدل الاستمال، فإن الأول فيه يجب أن يكون بحيث يجوز أن يطلق ويراد به الثاني نحو:
أعجبني زيد علمه، وسلب زيد ثوبه، فإنك قد تقول: أعجبني زيد، إذا أعجبك علمه، وسلب زيد، إذا سلب ثوبه على حذف المضاف، ولا يجوز أن تقول:
ضربت زيدا وقد ضربت غلامه، وقال سيبويه 2 في قولهم: رأيت قومك أكثرهم، وصرفت وجوهها أولها: انك..
أردت: رأيت أكثر قومك وصرفت وجوه أولها ولكنك ثنيت 3 الاسم توكيدا، كقوله تعالى: (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) 4، وهذا الذي قاله قريب، إلا أنه بالتفسير بعد الابهام أشبه، قالوا 5، والفرق الآخر: أن البدل في حكم تكرير العامل، ولو سلمنا ذلك فيما تكرر فيه العامل ظاهرا، فبأي شئ يعرف المخاطب ذلك فيما لم يتكرر فيه، ولنا أن ندعي ذلك فيما سموه عطف البيان مع التسليم في البدل، وفرقوا أيضا بينهما بعدم وجوب توافق البدل والمبدل منه تعريفا وتنكيرا بخلاف عطف البيان،