قليل معطوهم، يحافظون على الحروف ويضيعون الحدود، أعمالهم تبع لأهوائهم ".
وذكر ابن عباس الخوارج الذين أتاهم بأمر علي، فقال: دخلت على قوم لم أر قط أشد اجتهادا منهم، جباههم قرحة من السجود، وأيديهم كأنها ثفن الإبل، وعليهم قمص مرحضة، مسهدين مسهمة وجوههم ".
والمرحضة: المغسولة، يقال: رحضت الثوب إذا غسلته. ومسهمة: من السهوم وهو الضمر.
وقوله: ينثر الدقل، والدقل من التمر أو أكثره لا يلصق بعضه ببعض، فإذا نثر خرج سريعا وتفرق، وانفردت كل تمرة عن صاحبتها. شبه قراءته للقرآن بذلك لهذه إياه. وهو كقول عبد الله: " لا تهذوا القرآن هذا كهذ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل ". يريد: لا تعجلوا في التلاوة. قال الله تعالى: ورتل القرآن ترتيلا.
3 - وقال أبو محمد في حديث حذيفة رضي الله عنه، أنه قال: انما تهلكون إذا لم يعرف لذي الشيب شيبة، وإذا صرتم تمشون الركبات، كأنكم يعاقيب حجل، لا تعرفون معروفا ولا تنكرون منكرا.
حدثنيه أبي قال حدثنيه محمد عن ابن عائشة عن عبد العزيز عن ليث عن بشر عن أبي شريح.
قوله: تمشون الركبات، أي: تمضون على وجوهكم بغير تثبت ولا روية ولا استئذان من هو أسن منكم، يركب بعضكم بعضا، كما يركب اليعاقيب - وهي القبج - بعضها بعضا. واليعاقيب ذكورها، والحجل إناثها. ونحوه قول النبي صلى الله عليه وسلم: " تتايعون في الشر تتايع الفراش في النار " والركبات: جمع ركبة.