2 - وقال أبو محمد في حديث معاذ رضي الله عنه، ان عمر رضي الله عنه بعث ساعيا على بني كلاب، أو بني سعد بن ذبيان، فقسم فيهم، ولم يدع شيئا، حتى جاء بحلسه الذي خرج به على رقبته، فقالت له امرأته: أين ما جئت به مما يأتي به العمال من عراضة أهلهم فقال: كان معي ضاغط.
يرويه الحجاج عن ابن جريج عن ابن أبي الأبيض عن أبي حازم، وزيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب.
قوله: عراضة أهلهم، يريد: الهدية. ويقال لها العراضة. تقول: عرضت الرجل إذا أهديت له، ومنه حديث رواه ابن شهاب عن عروة بن الزبير، ان النبي صلى الله عليه وسلم في مهاجره لقي الزبير بن العوام في ركب من المسلمين كانوا تجارا بالشام قافلين إلى مكة فعرضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثيابا بيضا، وقال الشاعر:
كانت عراضتك التي عرضتنا * يوم المدينة زكمة وسعالا وقال آخر وذكر ناقة عليها تمر:
حمراء من معرضات الغربان يريد: أنها تتقدم الإبل وعليها التمر، فتقع الغربان عليها، فتأكل التمر.
فكأنها هي أهدته إلى الغربان.
وقوله: كان معي ضاغط. يريد: الأمين. ولا أراه سمي ضاغطا الا لتضييقه على العامل وقبضه يده عن الأخذ والفائدة. ولم يكن معاذ رضي الله عنه أمين ولا شريك. ولو كان معه ما مد يده. وانما أراد بهذا القول ارضاء أهله. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لأكذب الا في ثلاثة، وذكر الحرب والاصلاح بين الناس، وارضاء الرجل أهله ". ويقال انه أراد بالضاغط، الله عز وجل. وكفى به أمينا ورقيبا.