وبعضهم يقول: فزد له أي: لم يحرم من نال بعض حاجته. ان لم ينلها كلها كما لم يحرم من فصد له عند الضرورة.
والشعوبية تعيب العرب بالفصد. والمجدوح والعلهز والفظ والقد والحيات. فأما الفصد، فهو ما ذكرته، والمجدوح من الدم. وكانوا إذا جهدهم العطش في مسيرهم نحروا بعيرا، وتلقو البتة باناء حتى يسيل الدم، ثم تركوه حتى يبرد، فإذا برد ضربوه بالأيدي وجدحوه من المفازه.
والعلهز: قد تقدم تفسيره في حديث النبي صلى الله عليه وسلم. والفظ: أن ينحروا بعيرا فيعتصروا فرثه ويتصافنوا ماء ".
وهذه أشياء كانوا يفعلونها عند الضرورات وفي الأسفار والمجاعات وكذلك الحيات، انما كان يأكلها نازلة القفار والفلوات من الفقر أو من لا يجد حيلة.
وانما كان يكون هذا عيبا لو كانت العرب مختارة له في حال الغنى واليسر.
وكانت تمدحه وتحمد آكليه. وقد ذكرت هذا وأشباهه في كتاب " فضل العرب والتنبيه على علومها " واحتججت عنها فيه بما فيه كفاية إن شاء الله.
وكان أبو رجاء ممن أدرك الجاهلية والنبي، ولكنه أسلم بعده.
حدثنا الرياشي عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء، قال: قلت لأبي رجاء، ما تذكر قال: أذكر قتل بسطام بن قيس على الحسن، قال الأصمعي:
والحسن حبل رمل. قال ثم أنشد أبو حاتم: " من الوافر " وخر على الألاءة لم يوسد * كأن حبينه سيف صقيل