وقال أبو محمد في حديث سعد رضي الله عنه، ان عبد الرحمن ابن عوف لما تكلم يوم الشورى بالكلام الذي قد ذكرته في حديثه، قال سعد:
الحمد لله بديا كان، وأخرا يعود، أحمده كما أنجاني من الضلالة، وبصرني من الجهالة، فبمحمد بن عبد الله استقامت الطرق، واستنارت السبل، وظهر كل حق، ومات كل باطل، اني نكبت قرني فأخذت السهم الفالج في القداح وأخذت لطلحة بن عبيد الله، ما أخذت لنفسي في حضوري، فأنا به زعيم، وبما أعطيت عنه به كفيل، والأمر إليك بابن عوف، ثم تكلم يعد بكلمة أستغفر الله منها...
يرويه يعقوب بن محمد عن أبي عمر الزري عن مسلم بن نشيط عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس.
قوله: نكبت قرني، يريد: كببت كنانتي، والقرن: الجعبة من جلود، يقال:
نكب كنانته، إذا كبها فنثر ما فيها من السهام، ومنه قول الحجاج: " ان أمير المؤمنين نكب كنانته فعجم عيدانها ".
وقوله: فأخذت سهمي الفالج في القداح، وهو القدح الذي قمر به الرجل في الميسر، وقد يجوز أن يكون السهم الفالج الذي سبق به في النضال، وهذا أعجب الوجهين إلي، لأنه ذكر انه نكب كنانته فأخذ سهمه، وانما يكون في الكنائن سهام الرمي، وأراد اني أخذت خير الأمور لي مغبة، وأبلغها بي إلى الصواب والفوز، وأخذت لطلحة في غيبته مثل ذلك. أي: أجزت عليه مثل الذي أجزته على نفسي من الحكم، وأنا به زعيم، أي: ضامن.
* * * وقال أبو محمد في حديث سعد رضي الله عنه، أنه خطب امرأة بمكة، فقال: ليت عندي من رآها، ومن يخبرني عنها، فقال رجل مخنث: أنا أنعتها لك: إذا أقبلت قلت: تمشي على ست، وإذا أدبرت قلت: تمشي على أربع.
بلغني عن أبي بكر بن أبي شيبة عن بكر بن عبد الرحمن عن عيسى عن ابن أبي ليلي عن عبد الكريم عن مجاهد عن عامر بن سعد.