القول الثاني.
وأما على كونه معصية للنهي السابق فبما حاصله: أن النهي السابق على الدخول قد اقتضى جميع أنحاء التصرف في ملك الغير التي منها التصرف الخاص المتصف بعده بعنوان الخروج، إلا أن المانع - وهو لزوم التكليف بالمحال أو المحال - منع من بقائه حال الأمر، وهو لا يقتضي عدم وقوعه معصية له.
ويتجه عليه: أن المدعى إنما هو إثبات كونه معصية له، ومجرد عدم المنافاة لا ينهض دليلا عليه، وكان الحري بالاحتجاج عليه - بعد ثبوت النهي سابقا بالنسبة إلى ذلك التصرف الخاص كما جعله المستدل مفروغا عنه ومسلما - ما حققنا سابقا في الوجه الرابع من الوجوه الخمسة المتقدمة من أنه إذا كان المنهي عنه من ذوات الأسباب لا يعقل عصيانه إلا بعد إيجاد سببه الموجب للاضطرار إلى ارتكابه، ومعه يرتفع النهي لاستلزام بقائه التكليف بالمحال، فيقع الفعل معصية حال ارتفاع النهي عنه، وما نحن فيه من ذلك الباب، فيجري عليه حكمه، فافهم.
حجة القول الرابع: ما يبنى عليه القائل به من عدم وجوب مقدمة الواجب، لأن وجوب الخروج على تقديره إنما هو لترك التصرف الزائد عنه من الغصب الذي هو واجب.
وفيه: منع كون الخروج مقدمة لترك التصرف الزائد، بل من مصاديقه ومتحد معه من باب اتحاد الكلي مع الفرد، فليس من مقولة مقدمة الواجب في شيء حتى يمنع وجوبه بمنع وجوبها.
هذا مضافا إلى أنا قد حققنا في محله: أن إنكار وجوبها مكابرة للوجدان.
ثم الحق في المقام ما حققه - دام ظله على مفارق الأنام - من أن ذلك التصرف الخاص - وهو الخروج - مبغوض ذاتا، لكونه من أفراد طبيعة الغصب المبغوضة على الإطلاق من حيث هي، لكنه قد عرضه عنوان آخر حسن، وهو