الشامل لكليهما المقابل لغيرهما من تلك الاعتبارات، فإن القول بدلالة النهي على الفساد لغة، وكذلك احتجاج بعضهم عليها بفهم العرف ينافيان ذلك، كما لا يخفى، فهل النزاع راجع إلى أول الثلاثة الأول، أو الثالث منها أو إلى أوسطها؟ الظاهر بل المقطوع به عدم رجوعه إلى شيء من الأول والأوسط، فإن ثبوت القول بدلالة النهي على الفساد شرعا ينافي رجوعه إلى الأول، وكذلك ثبوت القول بدلالته عليه لغة ينافي رجوعه إلى الأوسط، فوجود ذينك القولين يكشف عن عدم اختصاص محل النزاع بشيء منهما.
ثم الظاهر أن النزاع في المسألة ليس في تشخيص ما وضع له النهي بأحد الوجهين - أعني وضعه للفساد لغة أو شرعا (1) على سبيل منع الخلو - لوجود القول فيها بدلالته على الفساد مع نفي وضعه له مطلقا.
نعم النزاع في ذلك إنما هو نزاع آخر واقع بين القائلين بالدلالة.
فتلخص أن الذي انعقدت له المسألة إنما هو البحث عن النهي بالاعتبار الثالث من تلك.
الثاني:
الظاهر أن المراد بالنهي المبحوث عن دلالته على الفساد إنما هو التحريمي فقط، كما أن الظاهر أن المراد به هو التحريم بالقول، لا مطلقا، فتخرج النواهي الشرعية مطلقا عن محل النزاع، كخروج التحريم الثابت بدليل غير لفظي عنه، فهل المراد به النفسي الأصلي، أو الأعم؟ الظاهر منه الأول عند الإطلاق، كما هو الحال فيه في المقام، ونحن سنتعرض لتحقيق الحال على نحو الإجمال فيما استظهرنا خروجه عن محل الخلاف في تنبيهات المسألة - إن شاء الله - فانتظر.
ثم المراد بالفساد ما يقابل الصحة، والصحيح في اللغة ما يعبر عنه