التي هي مضادة للوجوب مع اتحاد الجهة في بعضها حيث إن متعلق الأمر والنهي التنزيهي فيها واحد، وهو نفس العبادة، وذلك يستلزم جواز الاجتماع فيها نحن فيه بالأولوية القطعية، وهذا مثل الصوم في الأيام المخصوصة، كاليوم العاشر من المحرم وغيره، ومع تعددها في بعض آخر، كما سيتضح مثاله فيما بعد.
وفيه: أن اجتماع الكراهة والوجوب في تلك الأمثلة ليس ضروريا أو إجماعيا لا محالة، بل إنما هو مقتضى ظواهر الأدلة الشرعية، والمسألة عقلية لا يمكن إثباتها بالظواهر الظنية، بل لا بد فيها من القطع.
نعم تلك الظواهر تثبت إمكان الاجتماع ظاهرا مع فرض الشك في جوازه وامتناعه عقلا، فيترتب عليها في حق الشاك ما يترتب على إمكان الاجتماع عقلا.
والحاصل: أنه إن أريد إثبات الإمكان الواقعي العقلي بتلك الظواهر فهي لا تنهض لإثباته، وإن أريد إثبات الإمكان الظاهري فهو ليس من محل النزاع في هذه المسألة في شيء، فإن البحث فيها إنما هو عن الإمكان الواقعي.
نعم يمكن عقد مبحث آخر على تقدير الشك في الإمكان والامتناع الظاهريين، فيتجه حينئذ الاستدلال في إثبات الإمكان الظاهري بتلك الظواهر، مع أنه لا حاجة حينئذ إلى التمسك بها على إثباته أيضا، لكفاية الشك في امتناع الاجتماع في إثبات إمكانه ظاهرا كما لا يخفى.
هذا مضافا إلى أنه لا يصح النقض - على القائلين بامتناع الاجتماع - بالعبادات المجتمع فيها الوجوب والكراهة مع اتحاد الجهة، فإنها مشتركة الورود بين الفريقين، إذ القائلون بجواز الاجتماع إنما يجوزونه مع تعدد الجهة، لا مع وحدتها، فعلى أولئك - أيضا - أن يعالجوا تلك الأمثلة.
هذا، ثم إنه على القول بجواز الاجتماع فلا داعي إلى التأويل في تلك الأمثلة.