الغرض يحصل به ويجوز له الأمر بها من حيث هي من غير تصريح بالتعميم والتقييد، ولما كان الوجود المحرم غير قابل لذلك الأمر لوجود المانع منه فيه، فيختص الأمر بغيره، لكنه لما كان لوجود المانع مع ثبوت المقتضي، فلا يقتضي تغير المطلوبية بغيره، بل يعمه ويحصل به الغرض، فلم يلزم تقييد تلك الصفة، ولا اجتماع الوجوب والتحريم في شيء واحد حتى يلزم اجتماع الضدين، ولا منافاة أيضا بين كون شيء محبوبا للآمر وبين كون ما يحصله مبغوضا له، كما قد يقال له في مسألة الستر في الصلاة باللباس المغصوب: بأنه يجوز، نظرا إلى أن المعتبر في الصلاة إنما هي صفة الستر على الإطلاق، وهي تحصل مطلقا ولو كان ذات الساتر محرما مبغوضا، فمجرد حرمة مقدمة شيء لا يوجب مبغوضية ذلك الشيء، فاندفع استبعاد الاجتماع بينهما، فافهم.
الثاني (1):
أنه قد علم أن المانع من اجتماع الأمر والنهي إنما هو لزوم اجتماع الضدين مع عدم كفاية تعدد الجهة في رفعه، لكنه باطل، لوقوع الاجتماع بين الوجوب وغير الحرمة في الشريعة مع تعدد الجهة، بل ومع اتحادها أيضا، مع أن الوجوب مضاد لغيرها من الأحكام أيضا، فوقوعه ملازم لجوازه وإمكانه، لأنه أخص منه، وإمكان ذلك ملازم لإمكان اجتماع الوجوب والتحريم أيضا، لاتحاد مناط الجواز والامتناع في الموردين وإن كان الاختلاف ثابتا بينهما من وجوه، لكنها غير صالحة للفرق، لعدم دخليتها في الجواز والامتناع، بل بعضها مؤكد للجواز كما ستعرف، وموارد وقوع ذلك في الشريعة كثيرة:
فمنها: العبادات المكروهة: حيث إنها قد اجتمع فيها الوجوب والكراهة