المحكي عنهما قد أنكرا تلك الملازمة، محتجين بأن الفساد عبارة عن سلب الأحكام، ولا ملازمة بينه وبين النهي، وهذا منهما بزعم أن الفساد في العبادات من الأحكام الوضعية كما في المعاملات وقد عرفت ما فيه آنفا.
وكيف كان، فلما كانت النواهي اللفظية المتعلقة بالعبادات ظاهرة في مبغوضية ذوات متعلقاتها فلازمها الفساد.
نعم لما كان الملزوم قد ثبت بمقتضى تلك الظواهر الظنية يكون (1) الفساد ظنيا، لا قطعيا، إلا أنه قائم مقامه بمقتضى أدلة اعتبار تلك الظواهر.
وأما النواهي الثابتة بالإجماع ونحوه من الأدلة اللبية المجملة، فلا ملازمة بينها وبين الفساد، لتطرق الاحتمال المتقدم فيها الذي لا يلازم الفساد، وفي الحقيقة هذه خارجة عن محل النزاع في المقام، لما قد عرفت من أن النزاع في النهي بالقول، فيختص بالقسم الثاني، فيكون ما اخترناه قولا باقتضاء النهي للفساد عقلا مطلقا في العبادات في محل النزاع لا تفصيلا، هذا خلاصة الكلام في العبادات.
وأما المعاملات، فالنهي المتعلق بها إما بأن يكون متعلقا بها بعنوان كونها فعلا من الأفعال، بحيث يكون عناوينها الخاصة ملغاة في النهي وغير منظور إليها بوجه، وإما أن يكون متعلقا بها بعناوينها الخاصة، بحيث لا يحرم الإتيان بها مطلقا، بل إنما يحرم إيجادها بعناوينها الخاصة، كإيجاد الإيجاب والقبول بعنوان كونهما بيعا أو صلحا أو إجارة وهكذا، وإيجاد لفظ الطلاق - مثلا - بعنوان كونه طلاقا.
وهذا يتصور على وجوه، فإن النهي عن تلك العناوين الخاصة إما لأجل