بعض الموارد من ثبوت الصحة مع النهي، كما في الظهار، حيث إنه منهي عنه وان كان قد ثبت العفو عنه، مع أنه إذا وقع يترتب عليه أثره وهو حرمة الوطء ما دام لم يكفر، فلا بد من التزام انتفاء إحدى المقدمتين فيه بقرينة قيام الإجماع على صحته، فنلتزم في مثل الظهار: إما بأن الحرام إنما هو إيجاد نفس السبب دون ترتيب سببه، وإما بسبق إمضاء من الشارع فيه.
أقول: بعد ما ثبت حرمة ترتيب الأثر على السبب فهي بنفسها كافية في تحقق العبادة وملازمة له (1) عقلا من حينها إلى [ما] بعدها إلى أن ورد من الشارع إمضاء له فيما بعد، لما عرفت من أنها إما ملازمة لسلب (2) أحكام المسبب، أو عينه، وعلى التقديرين يلزمها الفساد من حينها إلى ما بعدها إلى الغاية المذكورة، إذ الفساد في المعاملات ليس إلا سلب أحكام المسبب، فلا دخل لورود النهي في مقام الرد والإمضاء الغير المسبوقين برد أو إمضاء آخرين بوجه، فإن كان المورد مما لم يصل فيه قبل النهي إمضاء له فهو فاسد أزلا وأبدا، أو مما وصل فيه قبله فمن حينه، ويكون النهي حينئذ إبطالا للإمضاء السابق وفسخا له من حينه، فالنهي عن الطهارة وإن كان مساقه مساق سائر النواهي من حيث ظهوره في حرمة ترتيب الأثر، وهو فيه ترك الوطء، ولازمها الفساد، إلا أنه بعد قيام الإجماع على صحته لا بد من صرفه إلى أن الحرام إنما هو إيجاد نفس السبب.
نعم ذلك الأثر وترتيبه ظاهر [في] مبغوضيتها (3) ذاتا، لكنا قد استكشفنا من الإجماع على الصحة أن حكمة دعت إلى إمضاء الشارع للظهار والرضا بترتيب ذلك الأثر المبغوض ذاتا، كما وقع نظيره في مواضع كثيرة من الموارد