أتى به منزله، فأقام ابن مسعود بالمدينة لا يأذن له عثمان في الخروج منها إلى ناحية من النواحي، وأراد حين برئ الغزو، فمنعه من ذلك، وقال له مروان: إن ابن مسعود أفسد عليك العراق، أفتريد أن يفسد عليك الشام؟
فلم يبرح المدينة حتى توفي قبل مقتل عثمان بسنتين، وكان مقيما بالمدينة ثلاث سنين. وقال قوم: إنه كان نازلا على سعد بن أبي وقاص.
ولما مرض ابن مسعود مرضه الذي مات فيه أتاه عثمان عائدا فقال: ما تشتكي؟ قال: ذنوبي.
قال: فما تشتهي؟ قال: رحمة ربي.
قال: ألا أدعو لك طبيبا؟ قال: الطبيب أمرضني.
قال: أفلا آمر لك بعطائك؟ قال: منعتنيه وأنا محتاج إليه، وتعطينيه وأنا مستغن عنه؟
قال: يكون لولدك، قال: رزقهم على الله.
قال: استغفر لي يا أبا عبد الرحمن. قال: أسأل الله أن يأخذ لي منك بحقي.
وأوصى أن لا يصلي عليه عثمان، فدفن بالبقيع وعثمان لا يعلم، فلما علم غضب وقال: سبقتموني به؟! فقال له عمار بن ياسر: إنه أوصى أن لا تصلي عليه؛ وقال الزبير:
لأعرفنك بعد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتني زادي (1)