فقال عمار: والله إن جوار السباع لأحب إلي من جوارك؛ ثم قام عمار فخرج من عنده.
قال: وعزم عثمان على نفي عمار، وأقبلت بنو مخزوم إلى علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) فقالوا: إنه يا أبا الحسن قد علمت بأنا أخوال أبيك أبي طالب، وهذا عثمان بن عفان قد أمر بتسيير عمار بن ياسر، وقد أحببنا أن نلقاه فنكلمه في ذلك ونسأله أن يكف عنه ولا يؤذينا فيه، فقد وثب عليه مرة ففعل به ما فعل، وهذه ثانية، ونخاف أن يخرج معه إلى أمر يندم ونندم نحن عليه.
فقال: أفعل ذلك فلا تعجلوا، فوالله لو لم تأتوني في هذا لكان ذلك من الحق الذي لا يسعني تركه ولا عذر لي فيه.
قال: ثم أقبل علي (رضي الله عنه) حتى دخل على عثمان فسلم وجلس فقال: اتق الله أيها الرجل، وكف عن عمار وغير عمار من الصحابة؛ فإنك قد سيرت رجلا من صلحاء المسلمين وخيار المهاجرين الأولين، حتى هلك في تسييرك إياه غريبا، ثم إنك الآن تريد أن تنفي نظيره من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)!
فقال عثمان: لأنت أحق بالمسير منه، فوالله ما أفسد علي عمارا وغيره سواك!
فقال علي (رضي الله عنه): والله يا عثمان! ما أنت بقادر على ذلك ولا إليه بواصل، فروم (1) ذلك إن شئت. وأما قولك: إني أفسدهم عليك، فوالله ما يفسدهم عليك إلا نفسك؛ لأنهم يرون ما ينكرون؛ فلا يسعهم إلا تغيير ما يرون....
ثم أقبل علي (رضي الله عنه) على عمار بن ياسر فقال له: اجلس في بيتك ولا تبرح منه، فإن الله تبارك وتعالى مانعك من عثمان وغير عثمان، وهؤلاء المسلمون معك.