والله إن قطعتم يميني * إني أحامي أبدا عن ديني وعن إمام صادق يقيني * نجل النبي الطاهر الأمين ومعنى ذلك بوضوح - أن تضحيته لم تكن مشفوعة بأي دافع من دوافع الحب أو العاطفة، أو غيرها من الاعتبارات التي يؤول أمرها إلى التراب، وإنما كانت من أجل الذب عن دين الله، والدفاع عن امام من أئمة المسلمين فرض الله طاعته وولاءه على جميع المسلمين.
وكثير من أمثال هذه الصور الرائعة الخالدة في التاريخ الانساني ظهرت من الإمام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه وهي - بحق - من أثمن الدروس عن الايمان والوفاء والتضحية في سبيل الله، وأن أية بادرة من بوادر يوم الطف لترفع الحسين وأهل بيته وأصحابه على جميع شهداء الحق والعدل في العالم.
لقد رفع الإمام الحسين عليه السلام راية الاسلام عالية خفاقة، وحرر إرادة الأمة العربية والاسلامية، فقد كانت قبل واقعة كربلاء حثة هامدة لا حراك فيها، ولا وعي، قد كبلت بقيود الحكم الأموي، ووضعت الحواجز والسدود في طريق حريتها وكرامتها، فحطم الامام بثورته تلك القيود، وحررها من جميع السلبيات التي كانت ملمة بها، وقلب مفاهيم الخوف والخنوع التي كانت سائدة فيها إلى مبادئ الثورة والنضال.
لقد علمت نهضة الامام على تكوين الحس الاجتماعي، وخلق الشخصية الاجتماعية، فقد انطلقت الأمة كالمارد الجبار - بعد تخديرها - وهي تنادي بحقوقها، وتعمل جاهدة على اسقاط الحكم الأموي الذي جهد على اذلالها واستعبادها، وهي تقدم القرابين تلو القرابين في ثورات متلاحقة حتى أطاحت بذلك الحكم، واكتسحت مشاعر زهوه وطغيانه وجبروته.
لقد كانت ثورة أبي الأحرار عليه السلام من أعظم الثورات التحررية