وقتا خاصا لذلك، وانصرف وفد النصارى على موعد للعودة للمباهلة حتى يستبين أمر الله ويظهر الحق ويزهق الباطل، وقد هامت نفوسهم بتيارات من الهواجس والأحاسيس، لا يعلمون أن النبي (ص) بمن يباهلهم؟
وفي اليوم الذي اتفقا عليه خرج النبي (ص) وقد اختار للمباهلة أفضل الناس وأكرمهم عند الله، وهم باب مدينة علمه وأبو سبطيه الامام أمير المؤمنين (ع) وبضعته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
وأقبل (ص) وقد احتضن الحسين، وأمسك بيده الأخرى الحسن وسارت خلفه الزهراء مغشاة بملأة من نور الله، يسير خلفها الامام أمير المؤمنين (ع) وهو باد الجلال...
وخرج السيد والعاقب بولديهما وعليهما الحلي والحلل، ومعهم نصارى نجران وفرسان بني الحرث على خيولهم وهم على أحسن هيأة واستعداد، واحتشدت الجماهير وقد اشرأبت الأعناق تراقب الحادث الخطير، وساد الوجوم وصار الكلام همسا، ولما رأت النصارى هيأة الرسول مع أهل بيته، وهي تملأ العيون، وتعنو لها الجباه امتلأت نفوسهم رعبا وهلعا من هيبة الرسول وروعة طلعته، وجثا النبي صلى الله عليه وآله للمباهلة بخضوع فتقدم إليه السيد والعاقب وقد سرت الرعدة في نفوسهم قائلين:
" يا أبا القاسم بمن تباهلنا؟ ".
فأجابهم (ص) بكلمات تمثلت فيها روعة الايمان والخشية من الله قائلا:
" أباهلكم بخير أهل الأرض، وأكرمهم إلى الله، وأشار إلى علي وفاطمة والحسنين ".
وانبريا يسألان بتعجب قائلين: