هذا العالم العنيف (1)... وقد عنى الاسلام بصورة ايجابية في شؤون البيئة فأرصد لاصلاحها وتطورها جميع أجهزته وطاقاته، وكان يهدف قبل كل شئ أن تسود فيها القيم العليا من الحق والعدل والمساواة، وأن تتلاشى فيها عوامل الانحطاط والتأخر من الجور والظلم والغبن، وأن تكون آمنة مستقرة خالية من الفتن والاضطراب حتى تمد الأمة بخيرة الرجال وأكثرهم كفاءة، وانطلاقا في ميادين البر والخير والاصلاح.
وقد انتخب البيئة الاسلامية العظماء والأفذاذ والعباقرة المصلحين الذين هم من خيرة ما أنتجته الانسانية في جميع مراحل تاريخها كسيدنا الامام أمير المؤمنين (ع) وعمار بن ياسر، وأبي ذر وأمثالهم من بناة العدل الاجتماعي في الاسلام.
لقد نشأ الإمام الحسين (ع) في جو تلك البيئة الاسلامية الواعية التي فجرت النور وصنعت حضارة الانسان، وقادت شعوب الأرض لتحقيق قضاياها المصيرية، وأبادت القوى التي تعمل على تأخير الانسان، وانحطاطه تلك البيئة العظيمة التي هبت إلى ينابيع العدل تعب منها فتروي وتروي الأجيال الظامئة.
وقد شاهد الإمام الحسين وهو في غضون الصبا ما حققته البيئة الاسلامية من الانتصارات الرائعة في إقامة دولة الاسلام، وتركيز أسسها، وأهدافها وبث مبادئها الهادفة إلى نشر المودة والدعة والامن بين الناس.
هذه بعض المكونات التربوية التي توفرت للإمام الحسين (ع) وقد أعدته ليكون الممثل الاعلى لجده الرسول (ص) في الدعوة إلى الحق، والصلابة في العدل.