الفترة القصيرة الأمد التي عاشتها.
كما أعلن سلام الله عليه عن شجاه المرهق على بضعة النبي (ص) فهو في حزن دائم لا تنطفئ فيه نار اللوعة حتى يلتحق إلى جوار الله وينصرف الامام عن قبر الصديقة لكن لا عن سأم ولا عن كراهية وانما استجابة لتعاليم الاسلام الآمرة بالخلود إلى الصبر.
وعاد الامام إلى بيته كئيبا حزينا، ينظر إلى أطفاله وهم يبكون على أمهم أمر البكاء وأشجاه أحزانه، وقد آثر (ع) العزلة عن الناس وعدم الاشتراك بأي أمر من أمورهم فقد أعرض عن القوم وأعرضوا عنه لا يشاركونه بأي أمر من أمورهم اللهم الا إذا حلت في ناديهم مشكلة لا يهتدون إلى حلها فزعوا إليه لينتهلوا من نمير عمله.
وقد قطع الحسين (ع) دور الطفولة في هذه المرحلة المحزنة وقلبه قد أترع بالأحزان والآلام، فقد فقد في تلك الفترة الحزينة جده الذي كان يفيض عليه بالعطف والحنان وفقد أمه الروؤم التي عاشت في هذه الدنيا وعمرها كعمر الزهور، وفاجأها الموت وهي في شبابها الغض الإهاب.
ومن الطبيعي أنه ليس أكثر حزنا ولا أقوى صدمة على الطفل من فقد أمه العطوف فإنه يفقد معها جميع آمال حياته.
لقد رأى الإمام الحسين (ع) وهو في سنه المبكر ما عانته أمه من عظيم الرزايا والخطوب فكان لها أعمق الأثر وأقساه في نفسه، وقد أعطته هذه الاحداث دراسة عن ميول الناس واتجاهاتهم وانهم لا يندفعون نحو الحق، وانما ينسابون وراء أطماعهم وشهواتهم.