" ايتيني بثيابي الجدد ".
فناولتها ثيابها، وهتفت بها مرة أخرى:
" اجعلي فراشي وسط البيت ".
وذعرت سلمى وارتعش قلبها فقد عرفت ان الموت قد حل بوديعة النبي، وصنعت لها سلمى ما أرادت فاضطجعت على فراشها، واستقبلت القبلة والتفتت إلى سلمى قائلة بصوت خافت:
" يا أمه... اني مقبوضة الآن، وقد تطهرت فلا يكشفني أحد " وأخذت تتلو آيات من الذكر الحكيم حتى فارقت، وسمت تلك الروح العظيمة إلى بارئها لتلتقي بأبيها الذي كرهت الحياة بعده.
لقد ارتفعت تلك الروح إلى جنان الله ورضوانه، فما أظلت سماء الدنيا في جميع مراحل هذه الحياة مثلها قداسة وفضلا وشرفا وعظمة، وقد انقطع بموتها آخر من كان في دنيا الوجود من نسل رسول الله.
وقفل الحسنان إلى الدار فلم يجدا فيها أمهما فبادرا يسألان سلمى عن أمهما ففاجئتهما وهي غارقة في العويل والبكاء قائلة:
" يا سيدي ان أمكما قد ماتت فأخبرا بذلك أباكما ".
فكان ذلك كالصاعقة عليهما فهرعا مسرعين إلى جثمانها، فوقع عليها الحسن، وهو يقول:
" يا أماه كلميني قبل أن تفارق روحي بدني ".
والقى الحسين نفسه عليها وهو يعج بالبكاء قائلا:
" يا اما انا ابنك الحسين كلميني قبل ان ينصدع قلبي ".
وأخذت أسماء توسعهما تقبيلا، وتعزيهما وتطلب منهما ان يسرعا إلى أبيهما فيخبراه، فانطلقا إلى مسجد جدهما رسول الله وهما غارقان في البكاء