بادروا إلى عقد مؤتمرهم، والعمل على ترشيح أحدهم للخلافة.
2 - واستبان للأنصار فيما أخبر به النبي (ص) أن أهل بيته لا ينالون الخلافة، وانهم المستضعفون من بعده، فقد روى شيخ الامامية الشيخ المفيد أنه بقي عند النبي (ص)، في مرضه عمه العباس، وابنه الفضل، وعلي ابن أبي طالب، وأهل بيته خاصة، فقال له العباس: إن يكن هذا الامر مستقرا فينا من بعدك فبشرنا، وإن كنت تعلم أنا نغلب عليه فأوصي بنا فقال (ص): " أنتم المستضعفون من بعدي " (1) وسبق النبي (ص) أن أذاع ذلك بين المسلمين فاحتاطت الأنصار لأنفسها فبادرت لعقد مؤتمرها للاستيلاء على الحكم لئلا يسبقهم إليه المهاجرون من قريش.
3 - ان الأنصار كانوا العمود الفقري للقوات الاسلامية المسلحة وقد أنزلوا الضربات القاصمة بالقرشيين فأبادوا اعلامهم وأشاعوا في بيوتهم الحزن والحداد في سبيل الاسلام، وقد علموا ان الامر إذا استتب للقرشيين فإنهم سيمعنون في قهرهم واذلالهم طلبا بثأرهم وقد أعلن ذلك الحباب بن المنذر بقوله:
" لكننا نخاف أن يليها بعدكم من قتلنا أبناءهم وآباءهم وإخوانهم " وتحقق هذا التنبؤ فإنه لم يكد ينتهي حكم الخلفاء القصير الأمد حتى آل الحكم إلى الأمويين فسعوا جاهدين في اذلال الأنصار وقهرهم وإشاعة الفقر والحاجة فيهم، وقد بالغ معاوية في الانتقام منهم، ولما ولي الأمر من بعده يزيد جهد على الوقيعة بهم فأباح أموالهم ودماءهم وأعراضهم بجيوشه في واقعة الحرة التي لم يشاهد التاريخ لها نظيرا في فظاعتها وقسوتها.
هذه بعض العوامل التي أدت إلى مبادرة الأنصار لعقد مؤتمرهم الذي أحاطوه بكثير من السر والكتمان.