كيف لا يرشحه النبي (ص) للخلافة الاسلامية؟ انه بحكم شجاعته الفذة التي تصحبها جميع الصفات الفاضلة والمثل الكريمة كان متعينا لقيادة الأمة وإدارة شؤونها، حتى لو لم يكن هناك نص من النبي (ص) عليه.
3 - وأهم صفة لابد من توفرها عند من يتصدى لزعامة الأمة نكران الذات، وايثار مصلحة الأمة على كل شئ، وعدم الاستئثار بالفئ وغيره من أموال المسلمين، وكانت هذه الظاهرة من أبرز ما عرف به الامام أيام حكومته فلم يعرف المسلمون ولا غيرهم حاكما تنكر لجميع مصالحه الخاصة كالامام أمير المؤمنين (ع) فلم يدخر لنفسه ولا لأهل بيته شيئا من أموال الدولة، وتحرج فيها تحرجا شديدا، وقد أجهد نفسه على أن يسير بين المسلمين بسيرة قوامها الحق المحض والعدل الخالص، وسنذكر ذلك بمزيد من التفصيل عند البحث عن حكومته.
4 - العدالة: وهي من أبرز الصفات المائلة في شخصية الامام فقد أترعت نفسه الشريفة بتقوى الله، والتجنب عن معاصيه، فلم يؤثر أي شئ على طاعة الله، وقد تحرج أشد ما يكون التحرج عن كل ما لا يقره الدين وتأباه شريعة الله، وهو القائل: " والله لو أعطيت الأقاليم السبع بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في جلب شعيرة أسلبها من فم جرادة ما فعلت ".
وكان من مظاهر عدالته النادرة انه امتنع من إجابة عبد الرحمان بن عوف حينما ألح عليه أن يقلده الخلافة شريطة الالتزام بسياسة الشيخين فأبى الا أن يسير على وفق رأيه واجتهاده الخاص، ولو كان من طلاب الدنيا وعشاق السلطان لأجابه إلى ذلك ثم يسير على وفق ما يراه، ولكنه لا يلتزم بشئ لا يقره، فلم يسلك أي طريق فيه التواء أو انحراف عن مثل الاسلام وهدية.
لقد توفرت العدالة بأرحب مفاهيمها في شخصية الإمام (ع) وهي