الإمام جعفر الصادق (ع) - عبد الحليم الجندي - الصفحة ٨٤
جعفر، لأنه أمير المؤمنين. قال: إليك يجبى - يا أمير المؤمنين - الخراج.
وجعل التسليم بإمارة المؤمنين يسبق كلمة الخراج، فهذه العبارة بيعة بتمامها.
والخراج حق من بويع له.
وكان انتقال أبى جعفر من استجوابهم إلى إخبارهم بأسباب دعوتهم، نقلة من الغضب إلى غيره. ومن الاستجواب إلى الوعيد، وإلى الاستعلاء.
لكن الصادق نقله من عالم الكبرياء المظلم، إلى آيات الله التي تطمئن لها القلوب. فجعله - دون أن يشعر - مقارنا في موقفه بمواقف الأنبياء، لعله يهتدى بهم. وذكره كلام ربه جل وعلا. وذكره الشكر والصبر والمغفرة. وذيل ذلك كله بأنه من نسل الذين يغفرون ويشكرون ويصبرون.
بهذا أمكن الرجل الذي قد قلبه من الصخر أن يبتسم. بل أقبل يسأل أن يتعلم. فحدثه الإمام الأحاديث، واحدا بعد واحد، حتى وقف منها عند حديث طول العمر. فلقد كان يرجو أن يطول عمر دولته، التي يخسر من أجلها في كل يوم آخرته، إلا أن يغفر الله له.. فظن أنه بهذا الحديث يجد أمانا لنفسه أو تخفيفا لما تكابده. وعندئذ ظهر ضعف نفسه، وجلال شأن المعلم الذي يتعلم عليه.
ولم يكد الإمام يأخذ زمام الكلام حتى راح يعلمه درسا من الدروس في البداء: وهو أن القضاء الذي يتوقف على الشرط يتحقق عند وقوع الشرط. فهذا ملك وصل رحمه فطالت عمره من ثلاث إلى ثلاثين، - وكان أبو جعفر ملكا - ولكم طالت العمر على ملك بنيه وحفدته.
فلقد كان كل خلفاء بنى العباس بعده منهم ملكوا خمسة قرون، حتى دمر الظلم دولتهم.
إنما كان أبو جعفر يتداول الإمام الصادق بحذر خليق بما للصادق من كرامة عند الله والناس. وهو صاحب أكبر مدرسة شهدتها حواضر الإسلام في ذلك الزمان: المدينة ومكة والكوفة وبغداد والفسطاط.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تقديم 3
2 الباب الأول ظهور الإسلام 11
3 ظهور الإسلام 13
4 الفصل الأول: أخو النبي صلى الله عليه و سلم 15
5 الفصل الثاني: أبو الشهداء 39
6 ريحانة النبي في كربلاء 51
7 الباب الثاني بين السلطان و الامام 65
8 الفصل الأول: بين السلطان و الامام 69
9 أهل البيت 71
10 بين أبناء على و بنى العباس 78
11 الفصل الثاني: الرجلان 95
12 الباب الثالث امام المسلمين 113
13 الفصل الأول: في المدينة المنورة 117
14 أهل المدينة 127
15 زين العابدين 134
16 الباقر 140
17 الفصل الثاني: امام المسلمين 145
18 مجالس العلم 153
19 التلاميذ الأئمة 158
20 كل العلوم 165
21 مع القرآن 172
22 مع أهل الكوفة و أبي حنيفة 178
23 المذهب الجعفري 185
24 الباب الرابع المدرسة الكبرى 193
25 الفصل الأول: المدرسة الكبرى 197
26 المصحف الخاص أو كتاب الأصول 199
27 مصحف فاطمة 200
28 التدوين 200
29 مشيخة العلماء 210
30 التلاميذ من الشيعة 217
31 الفصل الثاني الدرس الكبير 229
32 السنة 238
33 الإمامة 246
34 أمور خلافية في الفقه 259
35 الباب الخامس المنهج العلمي 275
36 الفصل الأول التجربة و الاستخلاص 279
37 الفصل الثاني في السياسة و الاجتماع 309
38 في الدولة و قواعدها 312
39 المجتمع الجعفري 325
40 في المجتمع و دعائمه 331
41 الاخوة 334
42 المرأة 338
43 العلم 339
44 الدعاء 341
45 الفصل الثالث المنهج الاقتصادي 343
46 العمل 347
47 المضطرب بما له و المترفق بيده 349
48 المال 357
49 العبادة و النفاق المال 358
50 كنز المال 364
51 الباب السادس في الرفيق الاعلى 367
52 عدالة السماء 375