أن تأخذها: أنت أهون على الله من ذلك) قال: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك! قال: (ويحك إني لست كأنت.
إن الله قد فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس).
ولكم كان رقيقا صاحب هذا الملبس الخشن إذا عامل الضعفاء..
ولو كانوا غير ناس، أو كانوا من الأعداء: كان يوصى من في يده إبل الصدقة ألا يحول بين ناقة وفصيلها، وأن لا يبالغ في حلبها خشية أن يضر ذلك بوليدها. وأن لا يركب ناقة ويدع غيرها. بل يسوى في الركوب بينها وبين صاحباتها. ولما حال بينه وبين الماء جند معاوية حاربهم عليه فأجلاهم عنه. ثم سقاهم منه! ليسويهم في الماء بجنده!
المضطرب بماله والمترفق بيده. أو: التجارة والصناعة إذا كانت الحضارة الغربية لم تفطن إلى أن العمل أداة الإنتاج الأولى إلا في العصور الأخيرة فلقد طالما أعلنت ذلك السماء. والعمل التجاري أو اليدوي ميراث الأنبياء. ومن عمل الصحابة تعلم الناس جلال قدر المضطرب بماله أو المترفق بيده، أو ببدنه، كما يعبر أمير المؤمنين والصادق يمسك المسحاة ويعمل في بستان له، وحبات العرق تنساب كالبلور المذاب، على الجبين المزهر! فيهيب به تابع له: جعلت فداك.
أعطني المسحاة أكفك. فيجيبه (إني أحب أن يتأذى الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة) وكان عندئذ يلبس قميصا ويفتح الماء بالمسحاة ويقول:
" إني لأعمل في بعض ضياعي ولى ما يكفيني ليعلم الله عز وجل أنى أطلب الرزق الحلال ".
وكان النبي عليه الصلاة والسلام يتناوب ركوب راحلته ويقول لزميليه في السفر (علي وأبي لبابة) حينما أرادا أن يستمر راكبا في نوبتهما (ما أنتما بأقوى على المشي منى. وما أنا بأغنى عن الأجر منكما) وكان