فيقول الله عز وجل: يا عبدي ألم أجعل لك السبيل إلى الطلب.. ألم أرزقك رزقا واسعا؟ فهلا اقتصدت كما أمرتك ولم تسرف فيه وقد نهيتك عن الإسراف. ورجل يدعوني في قطيعة رحم...) ثم علم الله عز وجل كيف ينفق فقال (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) فهذه أحاديث رسول الله يصدقها الكتاب. والكتاب يصدقه أهله من المؤمنين... وفيهم سلمان الفارسي وأبو ذر رضي الله عنهما:
فأما سلمان فكان إذا أخذ عطاءه رفع منه قوته حتى يحضر عطاؤه من قابل. فقيل له: يا أبا عبد الله أنت في زهدك تصنع هذا وأنت لا تدري لعلك تموت اليوم أو غدا؟ فكان جوابه أنه قال: ترجون لي البقاء وقد خفتم على الفناء. أما علمتم أن النفس قد تلتاث على صاحبها ما لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه. فإذا أحرزت معيشتها اطمأنت.
وأما أبو ذر فكانت له. نويقات وشويهات يحلبها، ويذبح منها إذا اشتهى اللحم، أو نزل به الضيف.. ومن أزهد من هؤلاء وقد قال فيهما رسول الله ما قال.. ولم يبلغا من الزهد أن صارا لا يملكان شيئا البتة كما تأمرون الناس بإلقاء أمتعتهم وشيئهم.. ويؤثرون على أنفسهم وعيالهم...) فالإمام يريد مجتمعا عاملا، متواصلا، فيه قصد وجد. فبهذا يعين الله من يعين نفسه من عباده.
التلاميذ الأئمة:
كان سفيان الثوري إمام العصر في الورع والسنن والفقه، للعراق كافة. وكانت له في مجابهة الخليفة مواقف لا يمل الحديث فيها. وكان كثيرون من رواد المجلس كسفيان مكانة في المسلمين: منهم عمرو بن عبيد الذي نشأت على يديه فرقة المعتزلة، وأبو حنيفة، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ترب أبي حنيفة، وإمام المدينة مالك بن أنس.
وأبو حنيفة هو الإمام الأعظم لأهل السنة. ومالك أكبر من تلقى عليه الشافعي علما. وأطولهم في تعليمه زمانا. والشافعي شيخ أحمد بن حنبل.