والسخاء سمو، ولو من الجاهل يقول الإمام " جاهل سخي أفضل من ناسك بخيل ".
فلنتصور مجتمعا يسود فيه السخاء. ويعم العطاء، ويتواتر المعروف، ليتعاون الناس في دنياهم. وتستوثق القربى فيهم، فتزداد لحمة الأسرة وثاقة، ثم تلتزم الجماعة والأفراد بالمكارم العشرة التي نص عليها الإمام! إنه المجتمع الإسلامي!.
لنقرأ وصية الإمام لعبد الله بن جندب، لنلمس مواقع الجمال والكمال في هذا المجتمع.
(لا تكن بطرا في الغنى ولا جزعا في الفقر. ولا تكن فظا غليظا يكره الناس قربك. ولا تكن واهنا يجفوك من عرفك. ولا تشار من فوقك. ولا تسخر ممن دونك. ولا تنازع الأمر أهله. يا ابن جندب:
لا تتصدقن على أعين الناس يزكوك. فإنك إن فعلت ذلك فقد استوفيت أجرك. ولكن إذا أعطيت بيمينك فلا تطلع عليها شمالك. فإن الذي تتصدق له سرا يجزيك علانية. فقد علم ما تريد).
الأخوة كان طبيعيا أن تمتد هذه المبادئ السياسية والاجتماعية، الموجهة للأفراد، إلى بيئتهم. وأن يكون المقام العظيم للأصحاب والصحبة. وهي القرابة التي يختارها المرء لنفسه ولا تفرض عليه من أسلافه. والصحبة أداة منجحة للتكافل والتكامل. وبها تجتمع " الخلية الأولى " للجماعة الهادفة.
ولعل في اهتمام الإمام بالصحبة والأخوة دليلا على اتجاهه نحو إيجاد مجتمع أو جماعات تتآخى في التشيع.
وبمثل هذه الجماعات قامت الدول الشيعية على نظم مشهورة في الدعوة لها، خافية أو معلنة، وبخاصة نظم الدعوة الإسماعيلية.
وكما حفلت مجالس الإمام ومقولاته بوصف (الجعفري) وبعبارة (شيعتنا)، حفلت بتوكيد أسباب التعاون بين الإخوان.
هو أولا يجعل المودة بينهم من الدين فيقول (من حب الرجل دينه حبه إخوانه) ثم ينتقل من الوضع الديني إلى الاجتماعي فيقول " وطن نفسك على