فتبسم. وقال: أعد على ما قلت. فأعدت. فقال: مثلك فليكن زعيم القوم. وقد عفوت عنكم ووهبت لكم جرم أهل البصرة حدثني الحديث الذي حدثتني عن أبيك عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: حدثني أبي عن آبائه عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وآله:
صلة الرحم تعمر الديار وتطيل الأعمار وإن كانوا كفارا. قال: ليس هذا.
قلت: حدثني أبي.. عن رسول الله صلى الله عليه وآله: الأرحام معلقة بالعرش تنادي: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني. قال: ليس هذا.
قلت: حدثني أبي. أن الله عز وجل يقول: أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمى فمن وصلها وصلته ومن بتها بتته. قال ليس هذا الحديث.
قلت: حدثني أبي.. أن ملكا من الملوك كان في الأرض كان بقى من عمره ثلاث سنين فوصل رحمه، فجعلها الله ثلاثين سنة.
قال: هذا الحديث أردت. أي البلاد أحب إليك؟ فوالله لأصلن رحمي إليكم.
قلنا المدينة. فسرحنا إلى المدينة. وكفى الله مؤنته.
في هذا اللقاء دليل على ما يخشاه من بنى على، ومن الصادق بالذات.
فما يخشاه من بنى على هو فتنة الناس إذ يجتمعون إليهم. أما ما ينعاه على الصادق - وهو الوحيد الباقي ممن يمكن أن يجتمع بنو على، والناس، حولهم - فلقد كان خليقا أن تطيب به نفسه لما فيه من مصلحة له. وهو الادعاء على الصادق بأنه يعلم الغيب. فإنه لم يبايع لأحد يوم الأبواء. بل ذكر أنها (الخلافة) ستكون لصاحب القباء الأصفر وهو أبو جعفر.
لكن الصادق كان حاسما في رده عليه بأنه لا يعلم الغيب إلا الله.
وكان مما يخشاه أن يجبى إلى الصادق خراج بعض الرعية، مما يعطى للإمام، وكان الصادق في ذلك حاسما أيضا. إذ أعلن أن الخراج لا يجبى إلا لأبي