لقد أخطأ معاوية في إقامة دولته وفي حربه. وكان لزاما أن يقوده خطؤه إلى أن يجعل الدولة. " هرقلية كلما مات هرقل قام هرقل " فيكون ابنه يزيد أشأم وألأم خلف لسلف. لكن أحدا لا يتنازع في أن دولته - وإن لم تمثل دولة الدين - قد انتشرت في البر والبحر ونشرت الإسلام وجاهد في غزواتها الصحابة وبنوهم والعلماء والفقهاء، بل غزا وجاهد فيها بين جيوش المسلمين أبو الشهداء، الحسين بن علي، في فتح أفريقية وغزو جرجان وطبرستان والقسطنطينية.
ومعاوية هو الذي مهد لدولة ابن عمه مروان بن الحكم.
وعبد الملك بن مروان هو المؤسس الحقيقي للدولة المروانية التي أينعت فروعها بالأندلس وأبقت الإسلام في أوربة ثمانمائة عام، لتهيئ للحضارة الحديثة أن تنطلق من جامعات الأندلس وجوامعها. وهو عم عمر بن عبد العزيز وصهره.
وعمر: خامس الراشدين في مدة خلافته. الذي كتب لعامله على المدينة يوم ولى الخلافة: أقسم في ولد فاطمة رضوان الله عليهم عشرة آلاف دينار فقد طالما تخطتهم حقوقهم. وقال معلنا حق على وباطل بنى أمية ومروان (كان أبى (1) إذا خطب فنال من على تلجلج.
فقلت يا أبت إنك تمضي في خطبتك فإذا أتيت على ذكر على عرفت منك تقصيرا؟) قال: أو فطنت إلى ذلك؟ يا بنى إن الذين حولنا لو يعلمون من على ما نعلم تفرقوا عنا إلى أولاده...).
لكن أبا جعفر كان أثقل الثلاثة حملا. إذا كان معاوية وعبد الملك قد سبقا ففصلا بين الدين والدولة فجزءا نظرية الدولة الإسلامية، وكان هو قد سار على الدرب الذي اختطاه، إن المعارك التي خاضها من أجل دولته كانت أوسع مدى.