ومن نص الإقرار ما يدل على أن مجلس " الصادق " للعلم، لم يكن ليسلم من مراقبة أعوان السلطان، وصاحب المجلس شجى معترض في حلقه. وهو قد ينبئ عن أن الفرصة متاحة للإمام ليلقى دروسه، مع الحيطة الواجبة، حتى لا يغص الخليفة بريقه مما ينقل إليه، وإن كان المؤكد أن مجرد وجود الإمام كان فيه الشجى المعترض.
كل العلوم:
والمجلس مورد عذب كثير الزحام - لكل فيه ما يغنيه - فالإمام في مجلسه الرفيع يروى السنة عن آبائه. وما يقوله يجرى عند الشيعة مجرى الأصول. فإذا أبدى الرأي في واقعة معينة جعله الشيعة مجعل السنة والتزموها باعتبارها نصا عنه.
أما أهل السنة فيأخذونه مأخذ اجتهاد الأئمة.
واللسان العربي علم العلوم. وإمام المسلمين إمام في البلاغة العربية، عبر عن أسلوبه أبو عمرو بن العلاء حين قال عن أساليب العربية (العرب) تطيل ليسمع منها وتوجز ليحفظ عنها).
وعند الصادق لكل مقام مقال. يسهب ويستطرد كما ستقرأ، بعد، أو يوجز ليحفظ عنه ويتذوق منه، بحروف لها جرس في الأذن ونغم في الفم. كأن يقول: (لا تصل فيما خف أو شف وكلاهما كاشف.
ويجرى على لسانه الشعر الرفيع مثل الذي يرويه عنه سفيان الثوري:
لا اليسر يطرؤنا يوما فيبطرنا * ولا لأزمة دهر نظهر الجزعا إن سرنا الدهر لم نبهج لصحته * أو ساءنا الدهر لم نظهر له الهلعا مثل النجوم على مضمار أولنا * إذا تغيب نجم، آخر طلعا أو مثل قوله جوابا لسفيان إذ يسأل: يا ابن رسول الله لم اعتزلت الناس؟