ولقد ترك أبو جعفر الذين تواروا عنه ممن خرجوا مع محمد وإبراهيم، ومنهم الحسين بن زيد. وكان الحسين قد تربى في بيت جعفر الصادق بعد قتل زيد. وكان يسمى " ذا الدمعة الكبيرة " لكثرة بكائه على أبيه وأخيه يحيى. ولم يسائل أبو جعفر ولدى جعفر الصادق عبد الله وموسى، وقد خرجا مع محمد. وترك علماء المدينة. وترك عيسى بن زيد إذ توارى عنه. ولما قيل له من حرسه أو من المنافقين: إلا تطلبه؟ قال لا. والله لا أطلب منهم رجلا بعد محمد وإبراهيم: أنا أجعل لهم ذكرا؟
ومن ناحية أخرى ففقه الإمام الصادق يعلم الناس طاعة الإمام العادل.
والصادق هو القائل. (لا يستغنى أهل بلدة عن ثلاثة يفزع إليهم في أمر دنياهم وآخرتهم. فقيه عالم ورع. وأمير خير مطاع. وطبيب بصير ثقة، فإن عدموا ذلك كانوا همجا). وهو فقه في طاعة الخليفة العادل أو الأمير الخير. وأبو جعفر يتمنى أن يظهر في الناس كذلك. والصادق يقول - ولا نحسبه يقصد إلا أبا جعفر وأبناء عمه - (ما تثبت الدنيا إلا على بنى العم المتعاطفين بالبر المتعلقين بالأدب المجتمعين على التناصر). فهذه يد ممدودة بالسلام من الإمام. ودرس للرعية لتسلم العنان لأمير خير. وما أحرى أبى جعفر أن يكونه.
وفي سنة 147 عزم المنصور وهو راجع من موسم الحج أن يسير الإمام الصادق من المدينة إلى العراق فاستعفاه الإمام فلم يعفه وحلمه معه.
ولكن الصادق كان يقبل عليه بمقدار فليست دنيا أبى جعفر لتجدر بالمقاربة.
وفي ذات يوم أرسل إلى الصادق. لماذا لا تغشانا كما يغشانا سائر الناس فأجابه (ما عندنا ما نخافك عليه ولا عندك من الآخرة ما نرجوك له.
ولا أنت في نعمة فنهنيك عليها. ولا نعدها نقمة فنعزيك عليها.
فلم نغشاك)؟ ويجيب أبو جعفر: تصحبنا لتنصحنا. ويجيب الإمام