كانت كربلاء قارعة رجت الأرض رجا بعيد الإسلام غضا في الأنفس، بما كان فيها من التصميم والإجماع على الاستشهاد في سلبية لقد انقضى بين يوم وفاة النبي وبين كربلاء خمسون عاما، كانت ضرورية لتدهور إحساس بعض الرجال في أجيال، تدهورا كافيا ليقتلوا ابن نبيهم! وهم يصلون عليه! وعلى آله الذين يقتلونهم!
وحسب هؤلاء المجرمين حكما عليهم أن يقول لهم كبيرهم " يزيد ابن معاوية " وعيناء تدمعان: " قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين "..
وإنما أطلق الروع دموعه، وأنطق الفزع لسانه، بقالة رياء.
فلقد كرر جنده يوم " الحرة " ما فعلوه، منذ عامين، في كربلاء. كما صنعوه مرة ثالثة إذ قذفوا الكعبة بالمنجنيق من أعلى جبل أبى قبيس.
فالجريمة الأولى تدفع إلى الثانية، فالثالثة وغيرها. والجرائم يصنعها المجرمون، وتصنع المجرمين.
ويبقى هذا الرياء من يزيد، صيحة استهزاء بقوم باعوا أنفسهم للشياطين. لقاء متاع قليل، لا يلبث أن يزول. قد لا يرضى عنه من ارتكب لأجله، لكنه مأخوذ به، ولو لم يرض عنه. فالقائد الظالم مسؤول عما يقع من جنده. فما يظلمون إلا بظلمه، إن لم يظلموا بأمر صريح منه.
قالوا: كان الحسين يستطيع بالمداورة أو المناورة أن يكسب الزمن، أو يستطيع بالاستسلام أن يكسب الحياة، لكنه الذي قال فيه وفي أمه وأبيه وجده، إقبال: (1) هي بنت من! هي زوج من! هي أم من! * من ذا يداني في الفخار أباها!
ومن قبله رفض أبوه رأى المغيرة بن شعبة أن يكسب الزمن بترك معاوية على الشام حتى يبايع. فلم يقبل على أن يناور أو يكسب الزمن.
وناور المغيرة فصار عاملا لمعاوية!