فيه أفظع ظلم، وأعمق جرح في قلوب أهل الإسلام. أنهاه الله بإنهاء عمره وانقطاع عقبه وعقب أبيه من سجل الدولة التي سعيا لها كل ذلك المسعى!
وسيخلفه ابنه معاوية بن يزيد. فيعلن أنه وأهله لا يستحقون الخلافة. ويعتزل بعد نحو أشهر ثلاثة. فكان اعتزاله من تلقاء نفسه وعباراته.
وهو يعتزل، شهادتين بالفعل وبالقول، من نفس بنى أمية، بأنهم جائرون.
أنهى يزيد سنوات حكمه بتجريد جيش على المدينة يسفك دمها.
وينتهك حرمها، في وقعة الحرة سنة 63. ليقتل فيها ثمانين من صحابة الرسول. فلم يبق بعدهم على ظهر الأرض بدري واحد! وقتل من قريش والأنصار ثمانمائة! ومن الموالى والتابعين وسائر الناس عشرة آلاف، ثم لفظ آخر أنفاسه وجيشه يحاصر الكعبة بعد أن أحرقها!
وأي نهاية لبشر أفظع من هذه النهاية! بل أي نهاية لدولة أبلغ في الدلالة على غضب السماء عليها!
فما كان حرق الكعبة ولا قتل الصحابة وتذبيح الآلاف إلا تتابعا للأحداث التي بدأ بها السنوات الثلاثة. وختاما طبيعيا للبداية المفظعة لحكمه. وجزاء له ولدولته. ينزله بها وبنفسه.
لقد استفتح حكمه بجريمة كربلاء في يوم عاشوراء! في العاشر من المحرم سنة 61. فوقع فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، مثله أو قريبا منه، من استشهاد أبى الشهداء: الحسين بن علي الذي دعا له النبي (اللهم إني أحبه. فأحب من يحبه)، والذي عظمه الخلفاء الراشدون والناس جميعا على مدار العصور. وهو القدوة في عطائه وعبادته وتواضعه وشجاعته في كل موقف: في " الجمل " و " صفين " و " النهروان " إلى جوار أمير المؤمنين علي وفي غزو أفريقية. وخراسان. وجرجان.
والقسطنطينية. متصديا جيوش المسلمين في عهد معاوية.