والدرس الثاني: يتعلق بجزاء السماء وبمصاير الطغاة وطرائقهم:
إنهم يحسبون الدنيا تدوم ولا تدور، ولا يدركون أن (الدهر بالإنسان دواري). كما يقول الشاعر العربي. وتركبهم شياطين الشهوة فيخالون أنهم يمسكون كرة الأرض في قبضتهم. يصطنعون أسباب الوثوب على أعدائهم من حين لآخر، ويتحينون الفرص المواتية، ويختلقون الأعذار الزيوف، ليقطعوا دابر العدو. وكلما جد جيل جدت لهم الأعذار ولم تغنهم النذر.. فالذي حاوله فريق معاوية. مع علي في صفين ولم يظفر به - من إفناء شيعة على أو من الإطاحة بأخصامه بالسم من الوجود - قد أتاحته ليزيد فرصة في كربلاء.
وللطغيان طبيعة ومنهج. ومن طبيعته أن يعمى ويصم. فلا ينظر ولا يسمع إلا ذاته وأصواته. وأما المنهج فهو الغيلة. مرة واحدة إن أمكنه، وإلا فوثبة وثبة. ولكل واحدة ما بعدها.
والذي قارفه يزيد ليس مجرد سقطة وإنما كانت أم السقطات. فمن بعد كربلاء كانت وقعة الحرة، ثم كان حريق الكعبة.. في سنوات ثلاثة متعاقبة. فحق عليها جزاء السماء فأوردته حتفه.. والسماء تملى للظالم، حتى إذا أخذته لم تفلته.
والدرس الثالث: يتعلق بأهل البيت أنفسهم.
1 - فهم العترة الطاهرة. يدخلون الجنة مع جدهم، بعملهم، فلا يعملون إلا العمل الأصلح. والذي صنعوه في كربلاء هو الذي كان يصنعه جداهم. والذي صنعه أصحابهم معهم هو الذي كان يصنعه الصحابة - وأعظم به وبهم صنيعا وصناعا. فما هو إلا صفحات جديدة يضيفونها إلى السيرة العطرة.
2 - وهم مثل جميع المسلمين، إن لم يكن قبل جميع المسلمين، مطالبون بالجهاد والتضحية وليس فضلهم ليسقط التكليف عنهم.
كما يزعم بعض المتصوفة عن رجال من المتصوفين.
وهذا درس للمتواكلين الذين لا يقبل الإسلام تواكلهم.