جعل معاوية الخلافة ميراثا لابنه يزيد بالسيف على رؤوس أبناء الصحابة جهرة. وبالرعب في قلوب المستضعفين، وبالرشى في جيوب الآخرين!.
أما الحسين بن علي فلم يستدرج ولم يستضعف وأبى وأن يبايع ليزيد.
وأما عبد الرحمن بن أبي بكر فقال لمعاوية كلمته الخالدة في خلافته وخلافة ابنه ومن جاءوا بعده: إنهم جعلوها (هرقلية كلما مات هرقل قام هرقل). وعبد الرحمن بن أبي بكر هو جد " جعفر الصادق " من ناحية أمه وأمها. أما الحسين فجده من ناحية أبيه.
كان رأى محمد بن مسلمة وسعد بن أبي وقاص أن معاوية، صاحب ملك... ولكن ملك معاوية كان بصلح مشروط. فلما خرج على الشروط، أمسى حقا لكل مجتهد أن يقول فيه باجتهاده، في المرة الأولى والمرة الآخرة.
ولقد قل أمير المؤمنين على قوله فيه. وكشف الله لحكمة الإمام وجه الحق فيما صار إليه أمر معاوية وأمور المسلمين. فحسبنا وحسبه قول علي فيه - وقد أسلفناه - بل قول النبي لعمار عن جيش معاوية " تقتلك الفئة الباغية ".
أما عمرو فلأئمة السنة فيه ما يكفيه. وحسبه قول الشافعي فيه، حول أساطين جامعه، حيث راح الشافعي يروى بعد قرن ونصف قرن في (جامع عمرو) بفسطاط مصر، دخول ابن عباس على عمرو، وهو ابن بضع وثمانين، وقول عمرو: أصبحت وقد ضيعت من ديني كثيرا وأصلحت من دنياي قليلا، فلو كان الذي أصلحت هو الذي أفسدت والذي أفسدت هو الذي أصلحت لقد فزت.. فعظني بعظة انتفع بها يا ابن عباس. قال ابن عباس: هيهات.. قال عمرو: ابن بضع وثمانين وتقنطني من رحمة الله! ثم رفع يديه وقال: اللهم إن ابن عباس يقنطني من رحمتك. فخذ مني حتى ترضى.