مقدمة:
آلت الخلافة إلى بنى العباس سنة 132 وكان " السفاح " أول خلفائهم. ثم مات فخلفه أبو جعفر المنصور، ليبقى في الخلافة اثنين وعشرين عاما (136 - 158). وطد فيها أركان الدولة العباسية، وأخضع الخارجين عليها في كل أرجاء " الإمبراطورية " فهي لم تعد دولة دينية كما دعوا لها منذ بثوا دعاتهم من فاتحة القرن. ولم تصر " للرضا من آل محمد " كما كانوا يدعون. بل غصبوا حق أبناء على، كما كان بنو على عند قيامها عاجزين عن تولى السلطة. وكان أحقهم بها - وهو جعفر بن محمد - عازفا عنها، عارفا أن مهمة حياته هي تعليم المسلمين.
وجرت الأمور مجراها الطبيعي للغالبين على السلطة، يطوون أضالعهم على الخوف والحقد والحذر. ويشرعون أسلحتهم في كل مكان للدفاع عن دولتهم. وكان ذوو القربى في طليعة الأعداء. فاستعرت الشحناء بين الأقرباء. ثم سالت الدماء. وجعفر الصادق، بعزوفه واستعلائه، بعيد عن المذابح. لكن بعده عنها، لا يقيه بطش خليفة حذر، متنمر، تدعوه إلى المواجهة الشرسة ما توسوس له هواجسه مخافة أهل البيت وشيعتهم.
وكان توفيق السماء حليف الإمام في مواجهاته، وإن بقيت الدولة على حذرها، تنزل بأهل البيت العذاب والاسترهاب والحبس والقتل للخلاص منهم - مع التظاهر بالعدل فيهم، حتى تقطع دابرهم.