3 - وهم يبلغون الذروة فيما يعملون: إذا حاربوا ماتوا شهداء، ولم يعطوا الدنية أو يستسلموا. لأن للمسلمين فيهم، كما كان لهم في جدهم، الأسوة الحسنة. وفي بيتهم سمقت المبادئ الكبرى. فمنهم يطلب البلاء الممتاز. ومن هذا كان صغارهم، كالكبار منهم، أبطالا يستشهدون ولا يتراجعون.
لقد أذن الحسين لصحبه في أن يعودوا تحت جنح الليل ويدعوه وحده يواجه مصيره، فلم يقبل ذلك واحد منهم. ولم يرجف المرجفون من خصومهم، حتى اليوم، بأن واحدا منهم قد تردد. بل قال له ابنه زين العابدين، وهو مريض طريح على الثرى لا يقدر على الحركة، (ألسنا على الحق) قال (بلى والله الذي يرجع إليه العباد) قال الفتى (فإذن لا نبالي).
والدرس الرابع: يدور حول وحدة العمل الصالح. وفيه يجتمع الحق والحقيقة في المبدأ والمنتهى وما بينها. فإذا كانت الحقيقة أن أبناء الرسول رجال سلم وعلم وقيادة، فهم لا يدارءون وراء هذه الحقيقة، فيقعدون عن الجهاد - جنودا - للحق، أو يكتفون دونه بالعلم إذا دعا الداعي إلى الجهاد، أو يوصون بالسلم حيث الحرب واجبة لإعلاء كلمة الله، بل يستمسكون بالحق ويضعون الحقيقة كلها في خدمته.
والحق والحقيقة والعمل الصالح كل لا ينقسم. والأهداف العظيمة لا يبلغها الناس إلا باعمال عظيمة ووسائل سليمة.
والدرس الخامس درس في الواجب وأدائه في كل الظروف.
وإن وهم المطالب به أنه غير مجد عليه أو على غيره - فهو لم يصبح واجبا إلا لأن التكليف به يحقق المصلحة العامة أو الخاصة، إن حالة وإن مؤجلة، منظورة أو غير منظورة. وهو قد أصبح واجبا لأنه فضيلة وإذا لم يكن مجديا في لحظة، أو لرجل، ففي القيام به خير للناس، وللدنيا، في الظرف ذاته أو في ظروف أخرى.