قطعي الورود في السنة أو قطعي الدلالة فيها أو في الكتاب العزيز، ومع اتخاذ الأهبة والدربة، وهذه كلها أمور يوجبها القرآن والسنة.
والحضارة العالمية مدينة بهذا المنهج للإسلام بما طور من فكر الأمم التي دانت به، في أربعة عشر قرنا، ومن أساليبها، ووسائلها العلمية، حتى صبغ فكرها، في شكله وموضوعه، صبغة الله. ومن أحسن من الله صبغة!
وكما ارتفع العرب درجات بالإسلام انتفع به كل الأمم ممن أسلموا، وممن لم يسلموا. ومن ثمة كان الإسلام خيرا كله للعالم كله. فتلك خصائص رسالته: العالمية. والأبدية. والسمو. والطريق إليه مفتوحة حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وما تقدم الإنسانية إلا حاصل دفع الله الناس بعضهم ببعض، وأخذ بعضهم بيد البعض - ومن أجل ذلك اختص الفقه الإسلامي بخصيصة القدرة على إحداث التطور ومواكبته، مع اليسر وحفظ الدين، " بالاجتهاد " الذي أمر به الله على أصول القرآن والسنة (1).
* * * أعلن " على " تمسكه " بالاجتهاد ". إذا تولى إمارة المؤمنين بعد عمر ابن الخطاب. ومن أجل ذلك وحده. لم يبايع له عبد الرحمن يبايع له.
" فالاجتهاد " شعار من شعارات " على " من بادئ الأمر. وشعارات الشيعة من بعده. ومن ذلك لم يصغ عظماؤهم إلى ذلك الصوت البغيض الذين أعلن إقفال باب الاجتهاد في القرن الرابع الهجري، لتنفتح أبواب التقليد، وتخبو شعلة الفكر. بل شهد الشيعة في القرن الرابع ذاته نهضة شاملة تتراءى في أعمال عظمائهم. فاستعمال العقل أصل. والأصل لا يتعطل.
وما الاجتهاد إلا الحرية الفكرية في استخلاص النتائج، والنزاهة العلمية أو الاعتبار