في الباب الحالي فصول ثلاثة تحاول تصوير منهج الإمام الصادق " العلمي "، و " الحضاري " " السياسي والاقتصادي "، كما رسم خطوطه بالفعل وبالقول، وكما اقتفى آثاره وبنى عليه علماء الإسلام، الفقهاء منهم والرياضيون والتطبيقيون، مستمتعين بحرية الفكر والبحث التي وردت بها نصوص الكتاب العزيز وأمرت بها السنة. وكان الإمام الصادق من الأوائل في تعليمها للمسلمين، ممن انتسبوا إليه وممن أخذوا عنهم. يستوى في ذلك الشيعة وفقهاء أهل السنة.
على هؤلاء الفقهاء والعلماء تعلم أهل أوربة منهج النزاهة العلمية والواقعية الذي تبلور في طريقة " التجربة والاستخلاص ". والذي أعلنه جابر بن حيان، أول من استحق في العالم لقب كيميائي كما يعبر عنه الأوربيون.
ومن المنهج الحضاري: المنهج السياسي والاقتصادي الذي يستهدف عمارة الدنيا بالعدل في الناس. والعمل للحياة، والتكافل بين أعضاء الجماعة، والسعي لاستثمار طاقات الناس وأموالهم - وهي قواعد بلغ بها الفقه الشيعي غايته، ابتداء من منهج أمير المؤمنين على، معمولا به في حياته أو خلافته، أو منصوصا في عهده للأشتر النخعي. وكله سياسة واجتماع واقتصاد، إلى رسالة حفيده زين العابدين في الحقوق، وهي تجرى في آثاره، إلى برنامج حفيده جعفر الصادق العلمي والحضاري، السياسي والاقتصادي، يدلي به للناس، ويطبقه بنفسه. ويضع به الأسس لدول أو مجتمعات، أو جماعات.
أو جمعيات، تعمل بمنهاجه لتبلغ أوجها به.
وهذه خصيصة لا يجارى الصادق فيها عالم من العلماء في التاريخ.
وحسبنا في هذا المقام كلمات، كالإشارات، تضمنتها الفصول الثلاثة التي حواها هذا الباب.