والوزير الصنعاني (840) صاحب كتاب ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان، يذكر أن أئمة أهل البيت لم يعرفوا المنطق (اليوناني والإرسططاليسي) ولم يصوغوا أدلتهم على التوحيد في صور منطقية. وإنما في " منهج قرآني أساسه الاعتبار ". وأن الإمام عليا لم يعرفه في خطبه ومواعظه وأن الأئمة قدموا أدلة التوحيد من غير ترتيب مقدمات المنطق ولا تقاسيم المتكلمين. ويقرر الوزير الصنعاني أن أسلوب المسلمين أرجح وأحجى من أسلوب المناطقة (فهذا أسلوب الأنبياء والأولياء والأئمة والسلف في النظر. وخالفهم بعض المتكلمين وأنواع المبتدعة فتكفوا وتعمقوا وعبروا عن المعاني الجلية بالعبارات الخفية).
والذين ينكرون القياس. من أهل السنة، كداود (270) إمام أهل الظاهر وابن حزم (465). أو من المعتزلة كالنظام (إبراهيم بن سيار شيخ الجاحظ)، يعتمدون على النص وحده وقد أسعفتهم النصوص في إقامة مذهب بتمامه. ولم تخذ لهم قدرتهم الفقهية في استخراج الفقه باستعمال كليات الشريعة في الاجتهاد.
فدل هؤلاء على أن نصوص الكتاب والسنة تجعل كليات الشرع وقواعده كافية " للعقل " ليبلغ بالفقه الإسلامي مبالغه. فيحقق أن الله تعالى ما فرط في الكتاب من شئ. فلكل واقعة حكم. وعلى المجتهد طلبه بالعقل والنقل معا.
والشافعي من حرصه على العمل بهما معا. يندد " بالاستحسان ".
ويسميه تلذذا. مع أن الاستحسان في جملة أمره استعمال لنص خاص أو قاعدة متعلقة " بالواقعة " المطلوب لها الحكم (1).