وهذه وتلك أساسيات أصول الفقه.
والأصول أدلة في طريق أو نهج. ولا إمامة إلا بمنهج.
والفقه السني يعتبر الشافعي أول من اتجه إلى تجلية أصول الفقه في كتابه (الرسالة) وقد وضعه، والناس يتحلقون حوله، في جوار الكعبة بعد سنة 184.
وليس غريبا أن نجد النبوغ الشافعي يتلاقى وأمورا أساسية أهمت من بادئ الأمر علي بن أبي طالب. أو نجد أفكارا " علوية " أو آراء " شيعية " تظهر بقوة في مذهب الشافعي وآرائه. والشافعي من أبناء عمومة النبي وعلي، يباهي بحب أهل البيت ويتحدى به. وهو إمام في اللسان العربي. له لغة خاصة تعلنها قواميس اللغة. طوعت له إمامته فيها أن يفهم القرآن فهم الذين نزل فيهم.
واتصال اللغة والبلاغة بالفقه في الإسلام أساسي، لأن الفقه فهم للقرآن.
والقرآن عربي. فالشافعي في استنباط للأصول من القرآن كان موجها بفهم عربي عميق للكتاب الكريم، الذي صنعت على أسسه العقيلة الإسلامية.
يقول أحمد بن حنبل - وهو الإمام الرابع لأهل السنة في الفقه، فوق، أنه إمام في اللغة - (الشافعي فيلسوف في أربعة أشياء: في اللغة. واختلاف الناس. والمعاني. والفقه). وهذه هي الأمور الأساسية في كل فقه.
وسواء انبثقت الأصول من اهتمامات على، في جوار قبر النبي بالمدينة غداة صعود روح النبي إلى الرفيق الأعلى، أو ممن نحوا ذلك النحو من الشيعة، أم انبثقت من " رسالة الشافعي " في جوار البيت الحرام بمكة. وسواء أطلع الشافعي على كتب لأهل البيت أو على آرائهم، أم لم يطلع، فالأصول قرآنية المبدأ والمنتهى. مشتقة من نصوص القرآن والسنة ومنهاجهما وأسلوبهما. ومن ذلك شرفها في الفكر الديني والعلمي.
وحرية التفكير توجب " الاجتهاد " على أساس العلم كما يقرر الشافعي في " رسالته "، مع النزاهة الفكرية الكاملة، غير مقيدة إلا بما تثق بوجوده، وتحقيق المناط وتنقيحه، والتدقيق في الفرع وفي الأصل، والسند، فيما ليس