وأهل القياس مجمعون على أن المنهى عنه هو الاجتهاد مع النص القطعي، أو إطلاق العنان لاستخراج الأحكام دون تقيد بالنصوص الخاصة أو العامة.
وهم يجمعون على قياس العلة ويختلفون فيما عداه * * * ومن المعاني الجامعة التي تتردد في أبواب الاجتهاد أن أحكام الشريعة جميعا - حتى في الأعمال غير التعبدية - فيها معنى تعبدي. أي حق لله، يطاع فيه الله ويعيد. فمن أحسن بيعه وشراءه وإجارته وإعارته، أو قضاءه أو فتواه... الخ فهو يطيع الله ويستحق ثوابه. ومن ساءت معاملته فهو خاسر في أمرين، قضاء الناس ضده، وغضب الله عليه. لأنه يعصى الله فيما عمل من عمل غير صالح. ومن ثمة تأثير الجانب الروحي أو الوازع الديني في الحياة الواقعة، وفي الدراسة العلمية، وفي طلب الأحكام الفقهية، في المجتمع الإسلامي. وهو امتياز لا تبلغه الأمم الأخرى أو مجتمعاتها.
وفي منهج اعتبار بالواقع أو بالآثار الدالة على المطلوب " واقعية " أدنى إلى التصديق من مجازفات الفكر. وفي الواقع المادي ضمان أن لا يبعد الاستخلاص من الملموس والمحسوس بالحواس الخمس. وهذه الواقعية أو النزاهة الفكرية، تسبق واقعية " أوجست كومت " (1) بقرون عشرة. وعقلانية " ديكارت " بقرون تسعة، كما تسبق " جون سيتوارت مل " في نظرية اطراد العلل بقرون عشرة. وبهذه القرون يقاس سبق الحضارة الإسلامية.
وإلى جوار المشاهدة الواقعية والتحقيق النزيه والاستخلاص الصادق، يضيف الفقه الإسلامي ضمانا جديدا هو اعتبار الاجتهاد سعيا لبلوغ الحق لا بلوغا له. فثمة عوامل أخرى قد تكون موجودة أو قد يدركها عقل آخر فتجعله أدنى