ويضع بين أيديهم ويعجبون منه أن لا يروا للحزن عليه أثرا، فلما فرغ قالوا: يا ابن رسول الله لقد رأينا عجبا! أصبت بمثل هذا الابن وأنت كما ترى! قال: وما لي لا أكون كما ترون وقد جاءني خبر أصدق الصادقين أني ميت وإياكم! إن قوما عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم ولا ينكرون من يخطفه الموت منهم وسلموا لأمر خالقهم عز وجل.
وروى الكليني في الكافي بإسناده عن قتيبة الأعشى قال: أتيت أبا عبد الله (ع) أعود ابنا له فوجدته على الباب، فإذا هو مهتم حزين فقلت: جعلت فداك كيف الصبي؟ فقال: إنه لما به، ثم دخل فمكث ساعة ثم خرج إلينا وقد أسفر وجهه وذهب التغير والحزن، فطمعت أن يكون قد صلح الصبي، فقلت: كيف الصبي جعلت فداك؟ فقال:
قد مضى الصبي لسبيله! فقلت: جعلت فداك لقد كنت وهو حي مغتما حزينا، وقد رأيت حالك الساعة، وقد مات، غير تلك الحال فكيف هذا؟ فقال: إنا أهل البيت إنما نجزع قبل المصيبة، فإذا وقع أمر الله رضينا بقضائه وسلمنا لأمره!
وبسنده عن العلاء بن كامل قال: كنت جالسا عند أبي عبد الله (ع) فصرخت الصارخة من الدار فقام أبو عبد الله (ع) ثم جلس فاسترجع وعاد في حديثه حتى فرغ منه ثم قال: إنا لنحب أن نعافى في أنفسنا وأولادنا وأموالنا، فإذا وقع القضاء فليس لنا أن نحب ما لم يحب الله لنا.
(رابعا) العبادة وكثرة ذكر الله - روى الكليني في الكافي بإسناده:
أنه أحصي على الصادق (ع) في سجوده خمسمائة تسبيحة. وبسنده عن أبان بن تغلب: دخلت على الصادق (ع) فعددت له في الركوع والسجود