ورجوت أن يوفقك الله فيه لرشدك، وأن يهديك لقصدك، واعلم يا بني إن أحب ما أنت آخذ به (لي) من وصيتي تقوى الله والاقتصار على ما افترضه (1) الله عليك، وأخذ بما مضى عليه الأولون من آبائك، والصالحون من أهل بيتك...
واعلم يا بني (2) إن مالك الموت هو مالك الحياة، وان الخالق هو المميت، وان المغني هو المعيد وان المبتلي هو المعافي، وان الدنيا لم تكن لتستقر إلا على ما جعلها الله (عز وجل) عليه من النعماء والابتلاء والجزاء في المعاد، وما شاء الله مما لا تعلم... ثم تبصره بعد ذلك...
واعلم يا بني أن أحدا لم ينبئ عن الله سبحانه كما أنبأ عنه نبينا محمد (ص) فارض به رائدا والى النجاة قائدا... يا بني اجعل نفسك ميزانا فيما بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك (واعلم أن الاعجاب ضد الصواب وآفة الألباب) فاسع في كدحك ولا تكن خازنا لغيرك...
واعلم أن الذي بيده خزائن السماوات والأرض قد أذن لك في الدعاء، وتكفل لك بالإجابة، وأمرك أن تسأله ليعطيك، وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبك عنه، ولم يلجئك إلى من يشفع لك إليه، ولم يمنعك إن أسأت من التوبة، ولم يؤتيك من الرحمة بل جعل نزوعك من الذنب حسنة، وحسب سيئتك واحدة وحسب حسنتك عشرا، وفتح لك باب المتاب، فإذا ناديته سمع نداك، وإذا ناجيته علم نجواك، وشكوت إليه همومك، واستكشفته كروبك (واستعنته على أمورك) وسألته من خزائن رحمته ما لا يقدر على إعطائه