والحرمان، وأكثر الاستخارة، وتفهم وصيتي (ولا تذهبن عنك صفحا) فان خير القول ما نفع، واعلم أنه لا خير في علم لا ينفع ولا ينتفع بعلم لا يحق تعلمه.
أي بني وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شئ قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك، ويشتغل لبك، لتستقبل بجد رأيك من الامر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته، فتكون قد كفيت مؤنة الطلبة (1)، وعوفيت من علاج التجربة، فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه، واستبان لك ما ربما أظلم علينا منه.
أي بني (إني) وإن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي، فلقد (2) نظرت في أعمالهم، وفكرت في أخبارهم، وسرت في آثارهم حتى عدت كأحدهم، بل كأني بما انتهى إلي من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره، ونفعه من ضرره، فاستخلصت لك من كل أمر جليله (3)، وتوخيت (لك) جميله، وصرفت عنك مجهوله، ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق، وأنت ذو نية سليمة، ونفس صافية، وأن أبتدئك بتعليم كتاب الله (عز وجل) وتأويله وشرايع الاسلام وأحكامه وحلاله وحرامه لا أجاوز (ذلك) بك إلى غيره، ثم أشفقت أن يلتبس عليك ما اختلف الناس فيه من أهوائهم وآرائهم مثل الذي التبس عليهم، فكان إحكام ذلك على ما كرهت من تنبيهك له أحب إلي من إسلامك إلى أمر لا آمن عليك فيه (4) الهلكة،