الكوفة، فسأل عنهما أحوال الناس، فقالا: " أما الأغنياء فقلوبهم إلى ابن زياد، وأما باقي الناس فقلوبهم إليك، وإن مسلم وهانئ وقيس الذي كان رسولك قتلوا " فقال: اللهم اجعل الجنة لنا ولأشياعنا منزلا كريما إنك على كل شئ قدير.
ثم خطب وقال: قد نزل بنا ما ترون، وإن الدنيا قد تغيرت وتكدرت، وأدبر معروفها، ولم يبق منها إلا كصبابة الاناء، لا يعمل بالحق ولا ينتهى عن الباطل، ولا يرى المؤمن الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا خسارة.
ثم نام نصف النهار واستيقظ وقال: سمعت هاتفا يقول: " يسير القوم والمنايا تسير معهم ".
فقال له ابنه: يا أبتاه ألسنا على الحق؟
فقال: بلى والذي مرجع العباد إليه يا بني.
فقال: إذا والله لا نبالي بالموت إذا كنا على الحق والهدى.
(إعتراض الحر) ثم سار حتى أتى موضعا يقال له " زبالة " فنزل وخطب وقال:
" أيها الناس فمن كان منكم يصبر على حد السيف وطعن الأسنة فليقم معنا وإلا فلينصرف عنا " فجعل القوم يتفرقون، فلم يبق إلا أهل بيته ومواليه، وهم نيف وسبعون رجلا، وهم الذين خرجوا معه من مكة.
فسار بهم إلى التغلبية، فاعترضهم الحر بن يزيد الرياحي، وهو قادم من القادسية رسولا إليه من الحصين بن نمير، وكان الحصين بالقادسية في أربعة آلاف فارس، فلم يزل الحر يطلب الحسين (ض) حتى لقيه عند صلاة الظهر.