إن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، وإن افترض لكم علما فاهتدوا بعلمكم، وإن للاسلام غاية فانتهوا إلى غايته، واخرجوا إلى الله مما افترض عليكم من حقه، وبين لكم من وظائفه، أنا شاهد لكم وحجيج يوم القيامة عنكم.
ألا وإن القدر السابق قد وقع، والقضاء الماضي قد تورد، وإني متكلم بعدة الله وحجته، قال الله (جل ذكره): (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون) (1) وقلتم ربنا الله فاستقيموا على كتابه، وعلى منهاج أمره، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته، ثم لا تمرقوا منها، ولا تبتدعوا فيها، ولا تخالفوا عنها، فان أهل المروق منقطع بهم عند الله يوم القيامة.
ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب.
فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله تعالى، قال الله سبحانه: (إن الله لا يغفر أن يشرك به " (2). وأما الظلم الذي يغفر، فظلم العبد نفسه عند بعض الهفات.
وأما الظلم الذي لا يترك، فظلم العباد بعضهم بعضا، القصاص هناك شديد، ليس هو جرحا بالمدي، ولا ضربا بالسياط، لكنه ما يستصغر ذلك معه، فإياكم والتلون في دين الله... فان الله سبحانه لم يعط أحدا بفرقة خيرا ممن مضى ولا ممن بقى.
يا أيها الناس طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وطوبى لمن لزم بيته وأكل قوته واشتغل بطاعته وبكى على خطيئته فكان من نفسه في شغل والناس منه في راحة.