الإشارات خرج هاربا وانصرف، فلما خرج مسلم من المخدع قال له هانئ:
ما منعك من قتله؟
قال: منعني كلام سمعته من أمير المؤمنين أنه قال: لا إيمان لمن قتل مسلما!
قال هانئ: والله لو قتلته لقتلت كافرا.
ثم علم ابن زياد أن مسلم بن عقيل في دار هانئ، فدخل ابن زياد مع رجال في داره، فقاتلهم هانئ حتى قتل منهم رجالا، ويقول: " والله لو كانت رجلي على طفل من أطفال آل محمد (ص) ما رفعتها حتى تقطع "، ثم قتله ابن زياد بعمود من حديد.
وخرج مسلم من الدار هاربا حتى انتهى إلى الحيرة، ودخل دار العجوزة فأكرمته، فدخل ابنها ورأى أمه تكثر الدخول والخروج إلى موضع من الدار، فسألها فلم تخبره، وبعد أخذ العهود والقسم أخبرته.
ثم ولد العجوزة أخبر ابن زياد، فأرسل ابن زياد محمد بن الأشعث الكندي، وضم إليه ألف فارس وخمسمائة راجل إلى قتال مسلم، فقاتلهم قتالا شديدا حتى قتل منهم خلقا كثيرا، فأرسل ابن الأشعث إلى ابن زياد يستمده بالخيل والرجال.
فكتب إليه (، إن رجلا واحدا يقتل منكم خلقا كثيرا، فكيف لو أرسلتك إلى من هو أشد منه قوة وبأسا " - يعني الحسين -.
فكتب في الجواب " إنما أرسلتني إلى سيف من أسياف آل محمد "، فأمده بالعسكر الكثير.
ثم حمل مسلم عليهم أيضا فقتل منهم خلقا كثيرا وصار جلده كالقنفذ من كثرة السهام.