فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء ".
فلما رأت زينب رأس أخيها قد اتوا بالرؤوس مقدما عليها نطحت جبهتها بمقدم الأقتاب فخرج الدم منها، وجعلت تقول:
يا هلالا لما استتم كمالا * غاله خسفه فأبدى غروبا ما توهمت يا شقيق فؤادي * كان هذا مقدرا مكتوبا يا أخي فاطم الصغيرة كلمها * فلقد كاد قلبها أن يذوبا يا أخي ما ترى عليا لدى الأسر * مع اليتم لا يطيق ركوبا كلما أوجعوه بالضرب ناداك * بذل يفيض دمعا سكوبا ما أذل اليتيم حين ينادي * بأبيه ولا يراه مجيبا (في مجلس ابن زياد) ثم إن ابن زياد جلس بقصر الامارة وأحضر الرأس الشريف بين يديه، وجعل ينظر إليه ويتبسم، وكان بيده قضيب فجعل يضرب به ثناياه، فقال له زيد بن أرقم: " ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين، فوالله الذي لا إله إلا هو، لقد رأيت ثنايا رسول الله (ص) ترشف ثناياه " ثم بكى زيد.
فقال له ابن زياد: " أتبكي؟ أبكى الله عينيك، والله لولا أنك شيخ كبير قد ذهب عقلك لأضربن عنقك " فقام زيد وانصرف.
ثم أدخلت عليه زينب بنت علي (رضي الله عنهما) وعليها أرذل ثيابها، فجلست ناحية وقد حف بها إماؤها، فقال ابن زياد لها " الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم ".
فقالت زينب: " الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (ص) وطهرنا من الرجس