غيره، من زيادة الأعمار، وصحة الأبدان، وسعة الأرزاق...، فمتى شئت ذلك استفتحت بالدعاء أبواب نعمته واستمطرت شآبيب رحمته فلا يقنطنك إبطاء إجابته، فان العطية على قدر النية، وربما أخرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لاجر السائل، وأجزل لعطاء الآمل، وربما سألت الشئ فلا تعطاه (1)، وأوتيت خيرا منه عاجلا وآجلا، أو صرف عنك لما هو خير لك، فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته، فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله، وينفى عنك وباله، فالمال لا يبقى لك ولا تبق له.
واعلم يا بني (انك) إنما خلقت للآخرة لا للدنيا... فخفض في الطلب، وأجمل في المكتسب، فإنه رب طلب قد جر إلى حرب، فليس كل طالب بمرزوق، ولا كل مجمل بمحروم، وأكرم نفسك عن كل دنية وإن ساقتك إليها الرغائب...
ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا... وإن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل، فإنك مدرك قسمك، وآخذ سهمك، وإن اليسير من الله سبحانه أكرم وأعظم من الكثير من خلقه، وإن كان كل منه... واحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء، وحفظ ما في يديك أحب إلي من طلب ما في يد غيرك... قارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشر تبن عنهم...
لا تتخذن عدو صديقك صديقا فتعادي صديقك، وامحض أخاك النصيحة حسنة أو قبيحة، وتجرع الغيظ، فاني لم أر جرعة أحلى منها عاقبة... وجد (2) على عدوك بالفضل فإنه أحلى الظفرين، ومن ظن بك خيرا فصدق ظنه، ولا تضيعن حق أخيك.