سنة - رضي الله تعالى عنها - ولم يكن يومئذ شرعت الصلاة على الجنائز.
تنبيهات الأول: الحكمة في كون البيت من قصب وهو أنابيب الجوهر أنها حازت قصب السبق إلى الاسلام وهو شدة المسارعة إليه دون غيرها - رضي الله تعالى عنها - قال السهيلي:
النكتة في قوله: " من قصب " ولم يقل: من لؤلؤ، أن في لفظ (القصب) مناسبة، لكونها أحرزت قصب السبق بمبادرتها إلى الايمان دون غيرها، زاد غيره مناسبة أخرى من جهة استواء أكثر أنابيبه، وكذا كان لخديجة من الاستواء ما ليس لغيرها، إذ كانت حريصة على رضاه بكل ما أمكن، ولم يصدر منها ما يغضبه قط كما وقع لغيرها، وقوله: (ببيت)، قال أبو بكر الإسكاف " في فوائد الاخبار ": المراد بيت زائد على ما أعد الله - عز وجل - لها من ثواب عملها، ولهذا قال: (لا نصب) أي لم تتعب بسببه. وقال السهيلي - رحمه الله تعالى -: لذكر البيت معنى لطيف، لأنها كانت ربة بيت قبل المبعث فصارت ربة بيت في الاسلام منفردة به، لم يكن على وجه الأرض في أول يوم بعث فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسلم بيت في الاسلام إلا بيتها، وهي فضيلة ما شاركها فيها أيضا غيرها. قال: وجزاء الفعل يذكر غالبا بلفظه، وإن كان أشرف منه، فلهذا جاء في الحديث بلفظ " البيت " دون لفظ القصر، زاد غيره معنى آخر، وهو أن مرجع أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليها لما نبئت في تفسير قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) [الأحزاب / 33]، قالت أم سلمة: " لما نزلت دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاطمة، وعليا، والحسن، والحسين، فجللهم بكساء، فقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي " رواه الترمذي.
ومرجع أهل البيت هؤلاء إلى خديجة - رضي الله تعالى عنها - لان الحسن، والحسين من فاطمة، وفاطمة ابنتها، وعلي نشأ في بيتها وهو صغير، ثم تزوج ابنتها بعدها، فظهر رجوع أهل البيت النبوي إلى خديجة دون غيرها - رضي الله تعالى عنها - وأصل (قصب السبق) أنهم كانوا ينصبون في حلبة السباق قصبة، لمن سبق اقتلعها وأخذها ليعلم أنه السابق من غير نزاع، ثم كثر حتى أطلق على المبرز والمشمر.
الثاني: اختلف هل الأفضل خديجة أو عائشة؟ وهل الأفضل مريم بنت عمران أو فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ وهل الأفضل فاطمة أو خديجة أو عائشة؟.
اعلم - أعزك الله تعالى - أن النقل في ذلك عزيز جدا وقد تعرض لذلك شيخ الاسلام وقدوة العلماء الأعلام الشيخ أبو الحسن تقي الدين السبكي - رحمه الله تعالى - وشفى الغليل في فتاويه الحلبيات وهي المسائل التي سأله عنها علامة حلب وترسلها الشيخ والامام شهاب الدين الأذرعي، وهو في مجلد لطيف فيه نفائس لا تكاد توجد في غيره، وشيخنا الامام