الحافظ شيخ الاسلام جلا الدين السيوطي - رحمهما الله تعالى - وقد اقتضب شيخنا من كلام السبكي ما هو المقصود هنا، فقال: قال النووي في روضته: من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - تفضيل زوجاته على سائر النساء، قال تعالى: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن) [الأحزاب 32]. قال السبكي: وعبارة القاضي الحسين: نساؤه أفضل نساء العالمين، وعبارة المقولي خير نساء هذه الأمة، قال: وعبارة الروضة تحتملهما، ويلزم من كونهن خير نساء هذه الأمة أن يكن خير نساء الأمم، لأن هذه الأمة خير الأمم، والتفضيل على الأفضل تفضيل كل فرد على من هو دونه، قال: إلا أنه يلزم من تفضيل الجملة على الجملة تفضيل كل فرد على كل فرد، وقد قيل بنبوة مريم وآسية، وأم موسى فإن ثبت خصت من العموم.
قال في الروضة: أفضل الأزواج خديجة وعائشة وفي التفضيل بينهما أوجه ثالثها:
الوقف، كذا حكى الخلاف بلا ترجيح وقد رجح السبكي تفضيل خديجة كما سأذكره قال القمولي: وقد تكلم الناس في عائشة، وفاطمة أيها أفضل، على أقوال ثالثها - الوقف قال الصعلوكي: من أراد أن يعرف التفاوت بينهما فليتأمل في زوجته وابنته، قال شيخنا: الصواب القطع بتفضيل فاطمة، وصححه السبكي، قال في الحلبيات: قال بعض من يعتد به، بأن عائشة أفضل من فاطمة وهذا قول من يرى أن أفضل الصحابة زوجاته، لأنهن معه في درجته في الجنة التي هي أعلى الدرجات وهو قول ساقط مردود وضعيف، لا سند له من نظر ولا نقل، والذي نختاره وندين الله تعالى به أن فاطمة أفضل، ثم خديجة، ثم عائشة، وبه جزم ابن المغربي في روضته، ثم قال السبكي: والحجة في ذلك ما ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة " أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة "، وما رواه النسائي بسند صحيح من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد "، واستدل شيخنا في شرحه بما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة حين قالت له: قد رزقك الله خيرا منها، قال: " لا، والله! ما رزقني الله خيرا منها ". الحديث.
وسئل أبو داود، أيهما أفضل خديجة أم فاطمة؟ فقال: خديجة أقرأها النبي - صلى الله عليه وسلم - السلام من ربها، وعائشة أقرأها السلام من جبريل، فالأولى أفضل، فقيل له: من الأفضل خديجة أم فاطمة؟ فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فاطمة بضعة مني " ولا أعدل ببضعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدا.
وأما خبر خير نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، ثم فاطمة ابنة محمد، ثم آسية امرأة فرعون فأجيب عنه بأن خديجة - رضي الله تعالى عنها - إنما فضلت على فاطمة باعتبار الأمومة لا باعتبار السيادة، ثم قال السبكي: وهذا صريح في أنها وأمها أفضل