وهي جالسة على أدم لها فنادتني، فانصرفت إليها، ووقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: أما لصاحبك في تزوج خديجة حاجة؟ فأخبرته، فقال: بلى، لعمري، فرجعت إليها فأخبرتها، وفي حديث جابر والرجل المبهم، فقالت: انطلق إلى أبي فكلمه وأنا أكفيك وائت عندنا بكرة، ففعل، وفي حديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر خديجة، وكان أبوها يرغب أن يزوجه إياها فصنعت طعاما وشرابا، وفي حديث عمار، فذبحت بقرة، قال ابن عباس: فدعت أباها ونفرا من قريش فطعموا وشربوا حتى علو، فقالت خديجة: إن محمد بن عبد الله يخطبني، فزوجني إياه، وفي حديث جابر والرجل المبهم: فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمه.
قال ابن عباس: فخلفته وألبسته حلة، زاد عمار: وضربت عليه قبة، وقال ابن عباس: وكذلك كانوا يفعلون بالإباء، فلما سري عنه سكره نظر فإذا هو مخلق وعليه قبة، فقال: ما شأني، ما هذا؟ قالت: زوجني محمد بن عبد الله، وقال: جابر أو الرجل المبهم: فلما أصبح جلس في المجلس، فقيل له: أحسنت، زوجت محمدا، فقال: أو قد فعلت، قالوا: نعم، فقام، فدخل عليها، فقال: إن الناس يقولون إني قد زوجت محمدا! وما فعلت، قالت: بلى، وروى ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - فقال: أنا أزوج يتيم أبي طالب؟ لا، لعمري، فقالت: خديجة:
ألا تستحي تريد أن تسفه نفسك عند قريش، وتخبر الناس أنك كنت سكران، فإن محمدا كذا، فلم تزل به حتى رضي، وقال جابر أو الرجل المبهم: ثم بعثت إلى محمد، - صلى الله عليه وسلم - بوقيتين من فضة أو ذهب، وقالت: اشتر حلة وأهدها لي وكيسا وكذا وكذا ففعل.
وكانت رضي الله تعالى عنها تدعى في الجاهلية الطاهرة، تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل المبعث بخمس عشرة سنة، وقيل: أكثر من ذلك، وهي بنت الأربعين سنة، وقيل: أكثر من ذلك.
الرابع: في أنها أول من أسلم:
روى الطبراني برجال ثقات عن بريك - رضي الله تعالى عنه - قال: خديجة أول من أسلم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي بن أبي طالب.
وروى الطبراني بإسناد لا بأس به عن قتادة بن زعامة - رحمه الله تعالى - قال: توفيت خديجة - رضي الله تعالى عنها - قبل الهجرة بثلاث سنين، وهي أول من آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من النساء والرجال،.
وقال عبد الله بن محمد بن عقيل - رحمه الله تعالى، قال: كانت خديجة أول الناس إيمانا بما أنزل الله.
وقال ابن شهاب - رحمه الله تعالى -: كانت خديجة أول من آمن بالله، وصدق رسول الله قبل أن تفرض الصلاة.